قال (1): وصم الليالي البيض، ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة (2) ثم أقبل على الأنصاري فقال: سل عن حاجتك، وإن شئت أخبرتك، قال: فذاك أعجب إلي، قال: فإنك جئت تسألني عن خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فتقول: ماذا لي فيه؟ وجئت تسأل عن وقوفك بعرفة، وتقول: ماذا لي فيه؟ وعن رميك الجمار وتقول: ماذا لي فيه؟ قال: إي والذي بعثك بالحق، قال: فاما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطأها راحلتك يكتب الله لك حسنة، ويمحو عنك سيئة، وأما وقوفك بعرفة فإن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا، غسلها الله عنك، وأما رميك الجمار، فإنه مذخور (3) لك، وأما حلقك (4) رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك (5).
(١٦)