وعند مسلم عن أبي هريرة ((أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)) (حقا) أي قلت قولا حقا (واجبا) صفة مؤكدة لقوله حقا أي حقا ثابتا للواقع (و) قرب هؤلاء المذكرون من الأم والأب والأخت والأخ وغيرهم منك (رحما) أي قرابة (موصولة) أي يجب صلتها ويحرم قطعها لما رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الرحم شجنة من الرحمن فقال الله من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته)) رواه البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الرحمة معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله)) متفق عليه.
وعن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يدخل الجنة قاطع)) متفق عليه.
قال المنذري: ذكره البخاري في تاريخه الكبير تعليقا وقال ابن أبي حاتم كليب بن منفعة الحنفي قال أتى جدي النبي صلى الله عليه وسلم مرسل فقال من أبر وأخرج البخاري من حديث أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق بحسن مصاحبتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من؟ قال أبوك)) وأخرجه مسلم وابن ماجة بنحوه في حديثهما ثم أمك مرتين.
(أخبرنا إبراهيم بن سعد) فمحمد بن جعفر وعباد بن موسى كلاهما يرويان عن إبراهيم بن سعد (فيلعن أباه) أي يلعن الرجل الملعون أبوه أبا اللاعن (فيلعن أمه) أي يلعن الرجل الملعونة أمه أم اللاعن.
قال النووي: في الحديث دليل على أن من تسبب في شئ جاز أن ينسب إليه ذلك الشئ، وفيه قطع الذرائع، فيؤخذ منه النهي عن بيع العصير ممن يتخذ الخمر، والسلاح ممن يقطع الطريق ونحو ذلك. انتهى.