وحكى ابن عبد البر هذه الرواية عن بعض أهل العلم. وقال النحاس: يجوز النصب أي فإن الله باق مقيم أبدا لا يزول.
وقال بعضهم: هو منصوب على التخصيص قال والظرف أصح وأصوب. وأما رواية الرفع وهي الصواب فموافقة لقوله فإن الله هو الدهر.
قال العلماء: وهو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك، فيقولون يا خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر أي لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى.
ومعنى فإن الله هو الدهر أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات انتهى كلامه.
وفي صحيح مسلم روي هذا الحديث من طرق متنوعة وألفاظ كثيرة، فمنها قوله ((قال الله عز وجل: يسب ابن آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار)).
وفي رواية ((قال الله: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار)).
وفي رواية ((قال الله تبارك وتعالى: يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره، فإذا شئت قبضتهما)).
وفي رواية ((لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر)) انتهى.
قال الإمام الحافظ عبد العظيم المنذري: والحديث أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
انتهى.
وقال الحافظ جمال الدين المزي في الأطراف: والحديث أخرجه البخاري في التفسير والتوحيد والأدب، ومسلم في الأدب، وأبو داود في الأدب، والنسائي في التفسير. انتهى والله أعلم.