وجدناه عليه لم نعد لقبوله بتوبة تظهر ومن ضعفنا نقله لم نجعله قويا بعد ذلك قال وذلك مما افترقت فيه الرواية والشهادة ولم أر دليلا لمذهب هؤلاء ويجوز أن يوجه بأن ذلك جعل تغليظا وزجرا بليغا عن الكذب عليه صلى الله عليه وسلم لعظم مفسدته فإنه يصير شرعا مستمرا إلى يوم القيامة بخلاف الكذب على غيره والشهادة فان مفسدتهما قاصرة ليست عامة قلت وهذا الذي ذكره هؤلاء الأئمة ضعيف مخالف للقواعد الشرعية والمختار القطع بصحته توبته في هذا وقبول رواياته بعدها إذا صحت توبته بشروطها المعروفة وهي الاقلاع عن المعصية والندم على فعلها والعزم على أن لا يعود إليها فهذا هو الجاري على قواعد الشرع وقد أجمعوا على صحة رواية من كان كافرا فأسلم وأكثر الصحابة كانوا بهذه الصفة وأجمعوا على قبول شهادته ولا فرق بين الشهادة والرواية في هذا والله أعلم الثالثة أنه لافرق في تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بين ما كان في الاحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح باجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الاجماع خلافا للكرامية الطائفة المبتدعة في زعمهم الباطل أنه يجوز وضع الحديث في الترغيب والترهيب وتابعهم على هذا كثيرون من الجهلة الذين ينسبون أنفسهم إلى الزهد أو ينسبهم جهلة مثلهم وشبهة زعمهم الباطل انه جاء في رواية من كذب على متعمدا ليضل به فليتبوأ مقعده من النار وزعم بعضهم ان هذا كذب له عليه الصلاة والسلام لا كذب عليه وهذا الذي انتحلوه وفعلوه واستدلوا به غاية الجهالة ونهاية الغفلة وأدل الدلائل على بعدهم من معرفة شئ من قواعد الشرع وقد جمعوا فيه جملا من الأغاليط اللائقة بعقولهم السخيفة وأذهانهم البعيدة الفاسدة فخالفوا قول الله عز وجل تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا وخالفوا صريح هذه الأحاديث المتواترة والأحاديث الصريحة المشهورة في اعظام شهادة الزور وخالفوا اجماع أهل الحل والعقد وغير ذلك من الدلائل القطعيات في تحريم الكذب على آحاد الناس فكيف بمن قوله شرع وكلامه وحى وإذا نظر في قولهم وجد كذبا على الله تعالى قال الله تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى ومن أعجب الأشياء قولهم هذا كذب له وهذا جهل
(٧٠)