وليس لأحد من الصحابة رضي الله عنهم هذا القدر ولا ما يقاربه قال الإمام الشافعي رحمه الله أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره وكان أبو هريرة ينزل المدينة بذى الحليفة وله بها دار مات بالمدينة سنة تسع وخمسين وهو ابن ثمان وسبعين سنة ودفن بالبقيع وماتت عائشة رضي الله عنها قبله بقليل وصلى عليها وقيل إنه مات سنة سبع وخمسين وقيل سنة ثمان والصحيح سنة تسع وكان من ساكني الصفة وملازميها قال أبو نعيم في حيلة الأولياء كان عريف أهل الصفة وأشهر من سكنها والله أعلم وأما متن الحديث فهو حديث عظيم في نهاية من الصحة وقيل إنه متواتر ذكر أبو بكر البزار في مسنده أنه رواه عن النبي عليه السلام نحو من أربعين نفسا من الصحابة رضي الله عنهم وحكى الإمام أبو بكر الصيرفي في شرحه لرسالة الشافعي رحمهما الله أنه روى عن أكثر من ستين صحابيا مرفوعا وذكر أبو القاسم عبد الرحمن بن مندة عدد من رواه فبلغ بهم سبعة وثمانين ثم قال وغيرهم وذكر بعض الحفاظ أنه روى عن اثنين وستين صحابيا وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة قال ولا يعرف حديث اجتمع على رواية العشرة الا هذا ولا حديث يروى عن أكثر من ستين صحابيا الا هذا وقال بعضهم رواه مائتان من الصحابة ثم لم يزل في ازدياد وقد اتفق البخاري ومسلم على اخراجه في صحيحهما من حديث على والزبير وأنس وأبي هريرة وغيرهم وأما ايراد أبى عبد الله الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين حديث أنس في أفراد مسلم فليس بصواب فقد اتفقا عليه والله أعلم وأما لفظ متنه فقوله صلى الله عليه وسلم فليتبوأ مقعده من النار قال العلماء معناه فلينزل وقيل فليتخذ منزله من النار وقال الخطابي أصله من مباءة الإبل وهي أعطانها ثم قيل إنه دعاء بلفظ الامر أي بوأه الله ذلك وكذا فليلج النار وقيل هو خبر بلفظ الامر أي معناه فقد استوجب ذلك فليوطن نفسه عليه ويدل عليه الرواية الأخرى يلج النار وجاء في رواية بني له بيت في النار ثم معنى الحديث أن هذا جزاؤه وقد يجازى به وقد يعفو الله الكريم عنه ولا يقطع عليه بدخول النار وهكذا سبيل كل ما جاء من الوعيد بالنار لأصحاب الكبائر غير الكفر فكلها يقال فيها هذا جزاؤه وقد يجازى
(٦٨)