ولازم درسه ما عاش وتفقه عليه وعلق عنه الأصول وصار من جملة المذكورين من أصحابه وخرج حاجا إلى مكة وعقد المجلس ببغداد وسائر البلاد وأظهر العلم بالحرمين وكان منه بهما أثر وذكر ونشر للعلم وعاد إلى نيسابور وما تعدى قط حد العلماء ولا سيرة الصالحين من التواضع والتبذل في الملابس والتعايش وتستر بكتابة الشروط لاتصاله بالزمرة الشحامية مصاهرة ليصون بها عرضه وعلمه عن توقع الارفاق ويتبلغ بما يكتسبه منها في أسباب المعيشة من فنون الأرزاق وقعد للتدريس في المدرسة الناصحة وإفادة الطلبة فيها وقد سمع المسانيد والصحاح وأكثر عن مشايخ عصره وله مجالس الوعظ والتذكير المشحونة بالفوائد والمبالغة في النصح وحكايات المشايخ وذكر أحوالهم قال الحافظ أبو القاسم والى الإمام محمد الفراوي كانت رحلتي الثانية لأنه المقصود بالرحلة في تلك الناحية لما اجتمع فيه من علو الاسناد ووفور العلم وصحة الاعتقاد وحسن الخلق ولين الجانب والاقبال بكليته على الطالب فأقمت في صحبته سنة كاملة وغنمت من مسموعاته فوائد حسنة طائلة وكان مكرما لموردي عليه عارفا بحق قصدي إليه ومرض مرضة في مدة مقامي عنده ونهاه الطبيب عن التمكين من القراءة عليه فيها وعرفه ان ذلك ربما كان سببا لزيادة تألمه فقال لا أستجيز أن أمنعهم من القراءة وربما أكون قد حسبت في الدنيا لأجلهم وكنت أقرأ عليه في حال مرضه وهو ملقى على فراشه ثم عوفي من تلك المرضة وفارقته متوجها إلى هراة فقال لي حين ودعته بعد أن اظهر الجزع لفراقي وربما لا نلتقي بعد هذا فكان كما قال فجاءنا نعيه إلى هراة وكانت وافته في العشر الأواخر من شوال سنة ثلاثين وخمسمائة ودفن في تربة أبى بكر بن خزيمة رضي الله عنهما وذكر الحافظ أيضا جملا أخرى من مناقبه حذفتها اختصارا وذكر أبو سعيد السمعاني أنه سأل أبا عبد الله الفراوي هذا عن مولده فقال مولدي تقديرا سنة احدى وأربعين وأربعمائة قال غيره وتوفى يوم الخميس الحادي أو الثاني والعشرين من شوال سنة ثلاثين وخمسمائة قال الحافظ الشيخ أبو عمرو رحمة الله له في علم المذهب كتاب انتخبت منه فوائد استغربتها وسمع صحيح مسلم من عبد الغافر في السنة التي توفى فيها عبد الغافر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة بقراءة أبي سعيد البحيري رحمه الله ورضى عنه واما شيخ الفراوي فهو أبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد بن محمد بن سعيد الفارسي الفسوي ثم النيسابوري التاجر وكان سماعه صحيح مسلم من الجلودي سنة خمس وستين
(٨)