أما بعد فإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه خلق خلفه، فألزمهم عبادته وكلفهم طاعته، وقسم بينهم معايشهم ووضعهم في الدنيا بحيث وضعهم [كذا]، وهو في ذلك غني عنهم لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضره معصية من عصاه منهم، لكنه تعالى علم قصورهم عما تصلح عليه شؤنهم وتستقيم به دهماؤهم في عاجلهم وآجلهم، فارتبطهم بإذنه في أمره ونهيه (5) فأمرهم تخييرا وكلفهم يسيرا، وأثابهم كثيرا، وأماز سبحانه بعدل حكمه وحكمته بين المؤجف من أنامه إلى مرضاته ومحبته، وبين المبطئ عنها (6) والمستظهر على نعمته منهم بمعصيته، فذلك قول الله عز وجل: أم حسب الذين
(٤٥٥)