وقد يكسب الشعر بناحيته هذه أهمية كبرى عند حماة الدين أهل بيت الوحي حتى يعد الاحتفال به، والإصغاء إليه، وصرف الوقت النفيس دون سماعه واستماعه من أعظم القربات وأولى الطاعات، وقد يقدم على العبادة والدعاء في أشرف الأوقات وأعظم المواقف، كما يستفاد من قول الإمام الصادق عليه السلام وفعله بهاشميات الكميت لما دخل عليه في أيام التشريق بمنى فقال له: جعلت فداك ألا أنشدك؟ قال: (إنها أيام عظام)، قال: إنها فيكم، فلما سمع الإمام عليه السلام مقاله بعث إلى ذويه فقربهم إليه وقال: (هات!) فأنشده لاميته من الهاشميات، فحظي بدعائه عليه السلام له وألف دينار وكسوة (1).
ونظرا إلى الغايات الاجتماعية كان أئمة الدين يغضون البصر من شخصيات الشاعر المذهبي وأفعاله، ويضربون عنها صفحا إن كان هناك عمل غير صالح يسوءهم مهما وجدوه وراء صالح الأمة، وفي الخير له قدم، وصرح به الحق عن محضه، وصرح المحض عن الزبد، وصار الأمر عليه لزام (2) وكانوا يستغفرون له ربه في سوء صنعه، ويجلبون له عواطف الملأ الديني بمثل قولهم: (لا يكبر على الله أن يغفر الذنوب لمحبنا ومادحنا). وقولهم: (أيعز على الله أن يغفر الذنوب لمحب علي؟!) و (إن محب علي لا تزل له قدم إلا تثبت له أخرى (3). وفي تلك القدم الثابتة صلاح المجتمع، وعليها نموت ونحيا.
وهناك لأئمة الدين صلوات الله عليهم فكرة صالحة صرفت في هذه الناحية،