درة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجري والمار ما هي والزمار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان فقام إليه فرات بن أحنف فقال: يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ قال: فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه، ثم أتبعته فلم أزل أقفوا أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت له: يا أمير المؤمنين ما دلالة الإمامة يرحمك الله؟ قالت: فقال: ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه ثم قال لي: يا حبابة إذا ادعى مدع الإمامة فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي انه إمام مفترض الطاعة والإمام لا يعزب عنه شيء يريده قالت: ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين (عليه السلام) فجئت إلى الحسن (عليه السلام) وهو في مجلس أمير المؤمنين (عليه السلام) والناس يسألونه فقال: يا حبابة الوالبية فقلت: نعم يا مولاي فقال هاتي ما معك قال فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين (عليه السلام)، قالت: ثم أتيت الحسين (عليه السلام) وهو في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقرب ورحب ثم قال لي: إن في الدلالة دليلا على ما تريدين أفتريدين دلالة الإمامة؟
فقلت: نعم يا سيدي فقال: هاتي ما معك فناولته الحصاة فطبع لي فيها، قالت: ثم أتيت علي بن الحسين (عليهما السلام) وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة فرأيته راكعا وساجدا ومشغولا بالعبادة فيئست من الدلالة فأما إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي، قالت: فقلت: يا سيدي كم مضى من الدنيا وكم بقي؟
فقال: أما ما مضى فنعم واما ما بقي فلا، قالت: ثم قال لي هاتي ما معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا جعفر (عليه السلام) فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى (عليه السلام) فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا (عليه السلام) فطبع لي فيها، وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمد بن هشام (1).