الدار ورجل قاعد بجنب الشقاق فرفع الخادم طرفه فدخلت وإذا امرأة قد أخذها الطلق وامرأة قاعدة خلفها كأنها تقبلها فقالت المرأة: تعيننا فيما نحن فيه، فعالجتها بما يعالج به مثلها فما كان إلا قليلا حتى سقط غلام فأخذته على كفي وصحت غلام وأخرجت رأسي من طرف الشقاق ابشر الرجل القاعد، فقيل لي: لا تصيحي فلما رددت وجهي إلى الغلام قد كنت فقدته من كفي فقالت لي المرأة القاعدة: لا تصيحي وأخذ الخادم بيدي ولف رأسي بالملاءة وأخرجني من الدار وردني إلى داري وناولني صرة وقال لي: لا تخبري بما رأيت أحدا فدخلت الدار ورجعت إلى فراشي في هذا البيت وابنتي نائمة بعد فانبهتها وسألتها هل علمت بخروجي ورجوعي فقالت:
لا وفتحت الصرة في ذلك الوقت وإذا فيها عشرة دنانير عددا وما أخبرت بهذا أحدا إلا في هذا الوقت لما تكلمت بهذا الكلام على حد الهزء فحدثتك اشفاقا عليك فإن لهؤلاء القوم عند الله عز وجل شأنا ومنزلة وكل ما يدعونه حتى قال: فعجبت من قولها وصرفته إلى السخرية والهزء ولم أسألها عن الوقت، غير إني أعلم يقينا اني غبت عنهم في سنة نيف وخمسين ومأتين ورجعت إلى سر من رأى في وقت أخبرتني العجوز بهذا الخبر في سنة احدى وثمانين ومأتين في وزارة عبيد الله بن سليمان لما قصدته قال حنظلة: فدعوت بأبي الفرج المظفر بن أحمد حتى سمع معي هذا الخبر (1).
في هذا المجال راجع المحجة البيضاء: 5 / 236.