وأما الثانية - المخلوقة من السقيفة، فلا خلاف في بطلانها عند من يعقل ويتدبر نص الكتاب العزيز، كما نبه عليها الصديقة الطاهرة في مواجهتها لابن بكر عند مطالبة حقها في خطبتها الفدكية الفاضحة المعلنة للسرائر والضغائن المكونة في " سقيفة بن ساعدة " بان الآيات المباركات القرآنية تثبت إرث الأنبياء من بعد موتهم.
ولذلك نحن نقول: بأننا لا نحتاج في إثبات وقوع الوضع في الحديث إلى البحث العلمي لكل افراد الأحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد، حتى إن وجدنا فيها ضعف، أو أثر الوضع نحكم عليها والا فلا، بل نقول: فالصحيح المختار المحقق في باب الوضع في الحديث هو كشف ارتكاب جريمة لقوم أو طائفة لهم دعاوى وأقاويل في تثبيت عقيدتهم، وذلك تسوقهم نحو الوضع والاختلاق حتى بالأسانيد الجياد، وكما يأتي في ترجمة " الزهري " من أمر التدوين، إن عمدة العناية والدقة عند الخلفاء إمحاء أثر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته وبعد مماته في تأسيس أحكام جديدة، بتدخل الأهواء والأغراض، كما يكشف لنا إنا ولما عما وقعت من أمر الخلفاء، لا سيما الوقايع الصادرة من بني أمية بالشام الذين هم على أثر " سقيفة بني ساعدة " وسياساتها.
ويؤيد قولنا في تحديد الوضع في الحديث في حيات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
فهذه الرواية دلت بنفسها على حادثة وقعت في عصره بالكذب عليه، فعلى ذلك يعد هذا من أحد الأقوال بل أهم الآراء التي ذهب إليها الباحثون في تحديد بداية الوضع في الحديث.
وبعد ما توفى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واشتد الأمر وتفرق الناس فطائفة على أهواء