بتهمة القول بالقدر مثلا؟
فأقول: لا، فإنا لا نأخذ جل أقوال أهل الحديث في الجرح ولا نرفضها جملة، وإنما ننظر في تجريحهم فإن وجدناهم يجرحون شخصا ما مثلا دون أن يذكروا سببا لذلك توقفنا عن الاخذ برأيهم، وإذا رأيناهم يصرحون بعلة التجريح نظرنا إلى ما ذكروا من علة، فإن وجدناهم يقولون فيه: " مرجئ، يترك حديثه " " شيعي، متهم بالرفض "، " ضعيف، لقوله بخلق القرآن "، " متروك لترويجه أقوال الفلاسفة " فهناك لا نأبه بما ذكروا من أمثال هذا التجريح.
وأما إذا ما وجدناهم يقولون في التجريح أمثال قولهم:
" وضاع " " مدلس " " كان يضع الحديث وينسبه إلى مجهولين " وما أشبه ذلك، ولم يكن الجارح والمجروح متعاصرين متنافسين، ولا مختلفين في المذهب كالأشعري والمعتزلي مثلا فليس لنا أن نترك قولهم هذا بحجة اختلافنا وإياهم في غيرها من علل التجريح. وعلى هذا ذكرت أقوال أهل الحديث في سيف فإنهم قالوا فيه: " كان يضع الحديث " " يروي الموضوعات عن الاثبات "... الخ وكان القائلون فيه بذلك من شتى طبقات أهل الحديث في القرون التي جاءت بعده. على أني لم أكتف بقول أهل الحديث فيه فحسب وإنما قمت بمقارنات تفصيلية لأحاديثه انتهيت فيها إلى تصديق أقوال أهل الحديث فيه.
ثم تفضلت في ملاحظتك الثانية فقلت: هل من الممكن أن يكون سيف قد اختلق كل هذا؟
فأقول: وما المانع منه وأنت نفسك تقول ذلك في جرجي زيدان