فيتسع بذهابي، ولا بي عندك ذنب فأخافك لأجله، فلأي شي أهرب؟! فأعجب كلامه المأمون.
فلما خرج إلى خارج بغداد أرسل صقره فارتفع في الهواء ولم يسقط على وجه الأرض حتى رجع وفي منقاره سمكة صغيرة، فتعجب المأمون من ذلك، فلما رجع تفرق الأطفال وهربوا إلا ذلك الطفل فإنه بقي في مكانه كما في المرة الأولى، فتقدم إليه المأمون وهو ضام كفه على السمكة وقال له: قل أي شئ في يدي؟ فقال: إن الغيم حين أخذ من ماء البحر تداخله سمك صغار فتسقط منه فيصطادها الملوك فيمتحنون بها سلالة النبوة. فأدهش ذلك المأمون فقال له: من أنت؟ قال:
أنا محمد ابن علي الرضا وكان ذلك بعد واقعة الرضا (عليه السلام) وكان عمره (عليه السلام) في ذلك الوقت إحدى عشر، وقيل عشرة سنين فنزل المأمون عن فرسه وقبل رأسه وتذلل له ثم زوجه ابنته. أقول: وقد مر في أبواب تاريخه (عليه السلام). وسئل السيد المرتضى: الرعد والبرق والغيم ما هو؟ وقوله تعالى (وينزل من السماء من جبال فيها من برد) وهل هناك برد أم لا؟ فأجاب (قدس سره): إن الغيم جسم كثيف وهو مشاهد لا شك فيه، وأما الرعد والبرق فقد روي أنهما ملكان، والذي نقوله هو أن الرعد صوت من اصطكاك أجرام السحاب. والبرق أيضا من تصادمهما. وقوله (من جبال) إلى آخره لا شبهة فيه أنه كلام الله، وأنه لا يمتنع أن تكون جبال البرد مخلوقة في حال ما ينزل البرد.