أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال جماعة منهم: كيف يحرق رجلا من شيعته ومحبيه وهو الساعة يريد يحرقه بالنار فبطلت إمامته؟! فسمع بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) قال عمار:
فأخذ الأمام الرجل ورمى عليه ألف حزمة من القصب، فأعطاه مقدحة وكبريتا وقال: اقدح وأحرق نفسك، فإن كنت من شيعتي ومحبي وعارفي فإنك لا تحترق بالنار وإن كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك وتكسر عظمك، فأوقد الرجل على نفسه واحترق القصب، وكان على الرجل ثياب بيض فلم تعلق بها النار ولم تقربها الدخان، فاستفتح الأمام (عليه السلام) وقال: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، ثم قال: إن شيعتنا منا وأنا قسيم الجنة والنار، وأشهد لي بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مواطن كثيرة.
(3) - عن ابن عباس قال: لما كنا في حرب صفين دعا علي (عليه السلام) ابنه محمد بن الحنفية وقال له: يا بني شد على عسكر معاوية فحمل على الميمنة حتى كشفهم، ثم رجع إلى أبيه مجروحا فقال: يا أبتاه العطش العطش، فسقاه جرعة من الماء ثم صب الباقي بين درعه وجلده، فوالله لقد رأيت علق الدم يخرج من حلق درعه، فأمهله ساعة ثم قال له: يا بني شد على الميسرة، فحمل على ميسرة عسكر معاوية فكشفهم، ثم رجع وبه جراحات وهو يقول: الماء الماء يا أباه، فسقاه جرعة من الماء وصب باقيه بين درعه وجلده، ثم قال: يا بني شد على القلب، فحمل عليهم وقتل منهم فرسانا، ثم رجع إلى أبيه وهو يبكي، وقد أثقلته الجراح.
فقام إليه أبوه وقبل ما بين عينيه وقال له: فداك أبوك فقد سررتني والله يا بني بجهادك هذا بين يدي، فما يبكيك أفرحا أم جزعا؟ فقال: يا أبت كيف لا أبكي وقد عرضتني للموت ثلاث مرات فسلمني الله، وها أنا مجروح كما ترى، وكلما رجعت إليك لتمهلني عن الحرب ساعة ما أمهلتني، وهذان أخواي الحسن والحسين ما تأمرهما بشئ من الحرب، فقام إليه أمير المؤمنين وقبل وجهه وقال له: يا بني أنت