ضرورة من ضرورات الإسلام (1) التي لا بد منها وشمسا يدور عليها الفلك الإسلامي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسب طبيعته التي لا يمكن أن تقاوم حتى التجأ الفاروق إلى مسيرتها كما عرفت.
ويتجلي لدينا أيضا أن الانقلاب الفجائي في السياسة الحاكمة لم يكن ممكنا يومئذ لأنه - مع كونه طفرة - يناقض تلك القوة الطبيعية المركزة في شخصية الأمام، فكان من الطبيعي أن تسير السياسة الحاكمة في خط منحن حتى تبلغ النقطة التي وصل إليها الحكم الأموي، تفاديا من تأثير تلك القوة الساهرة على الاعتدال والانتظام كما ينحني السائق بسيارته عندما ينحرف بها إلى نقطة معاكسة تحذرا من القوة الطبيعية التي تفرض الاعتدال في السير. وهذا الفصل الرائع من عظمة الأمام يستحق دراسة وافية مستقلة قد نقوم بها في بعض الفرص لنكشف بها عن شخصية علي المعارض للحكم والساهر على قضية الإسلام والموفق بين حماية القوة الحاكمة من الانحراف وبين معارضتها في نفس الوقت.
وإن كانت مواقف الأمام كلها رائعة، فموقفه من الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أكثرها روعة (2).
وإن كانت العقيدة الإلهية تريد في كل زمان بطلا يفتديها بنفسه، فهي