وتصويبها على كل تقدير قد انتهت، وأن الزمان الذي يتحاشى فيه عن التعمق في شئ من مسائل الفكر الإنساني دينا كانت، أو مذهبا أو تاريخا أو أي شئ آخر قد مضى مع ما مضى من تاريخ الإسلام بعد أ ن طال قرونا.
ولعل الخليفة الأول كان هو أول من أعلن ذلك المذهب عندما صرخ في وجه من سأله عن مسألة الحرية الإنسانية والقدر وهدده وتوعده (1) ولكن أليس قد أراحنا الله تعالى من هذا المذهب الذي يسئ إلى روح الإسلام؟
وإذن فكان لي أن أتوقع بحثا لذيذا يتحفنا به الأستاذ في موضوع الخصومة من شتى نواحيها، ولكن الواقع كان على عكس ذلك، فإذا بكلمة الكتاب حول الموضوع قصيرة وقصيرة جدا وإلى حد أستبيح لنفسي أن أنقلها وأعرضها عليك دون أن أطيل عليك، فقد قال:
(والحديث في مسألة فدك هو كذلك من الأحاديث التي لا تنتهي إلى مقطع للقول متفق عليه، غير أن الصدق فيه: لا مراء أن الزهراء أجل من أن تطلب ما ليس لها بحق وأن الصديق أجل من أن يسلبها حقها الذي تقوم به البينة عليه، ومن أسخف ما قيل أنه إنما منعها فدك مخافة أن ينفق علي من غلتها على الدعوة إليه، فقد ولي الخلافة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ولم يسمع أن أحدا بايعهم لمال أخذه منهم ولم يرد ذكر شئ من هذا في إشاعة ولا في خبر يقين، وما نعلم تزكية لذمة الحكم من عهد الخليفة الأول أوضح بينة من حكمه في مسألة فدك، فقد كان يكسب برضى فاطمة ويرضى الصحابة برضاها وما أخذ من فدك شيئا لنفسه فيما ادعاه عليه مدع،