الحاكم في هذا الطور من المقايسة على البينة، لأن الحاكم قد يخطأ كما أن البينة قد تخطأ، فهما في شرع الواقع سواء كلاهما مظنة للزلل والاشتباه.
ولكن في المسألة أمر غفل عنه الباحثون أيضا، وهو أن ما يعلمه الخليفة من صدق (1) الزهراء يستحيل أن لا يكون حقيقة، لأن سبب علمه بصدقها ليس من الأسباب التي قد تنتج توهما خاطئا وجهلا مركبا، وإنما هو قرآن كريم دل على عصمة (1) المدعية. وعلى ضوء هذه الخاصية التي يمتاز بها العلم بصدق الزهراء، يمكننا أن نقرر أن البينة التي قد تخطأ إذا كانت دليلات شرعيا مقتضيا للحكم على طبقه. فالعلم الذي لا يخطئ وهو ما كان بسبب شهادة الله تعالى بعصمة المدعي، وصدقة أولى بأن يكتسب تلك الصفة في المجالات القضائية.
وعلى أسلوب آخر من البيان نقول: إن القرآن الكريم لو كان قد نص على ملكية الزهراء لفدك وصدقها في دعوى النحلة لم يكن في المسألة متسع للتشكيك لمسلم أو مساغ للتردد لمحكمة من محاكم القرآن. ومن الواضح أن نصه على عصمة الزهراء في قوة النص على النحلة، لأن المعصوم لا يكذب، فإذا ادعى شيئا فدعواه صائبة بلا شك. ولا فرق بين النص على العصمة والنص على النحلة فيما يتصل بمسألتنا، سوى أن ملكية الزهراء لفدك هي المعنى الحرفي للنص الثاني، والمعنى المفهوم من النص