فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٨٤
يرى أن خوفه يرتفع فيما إذا من الله عليه بولد رضي يرثه.
ونتيجة هذا البحث أن الإرث في الآية هو إرث المال بلا ريب. وإذن فبعض الأنبياء يورثون وحديث الخليفة يقضي بأن الجميع لا يورثون.
فالآية والرواية متعاكستان وكل ما عارض (1) الكتاب الكريم فهو ساقط.
ولا يجوز أن نستثني زكريا خاصة من سائر الأنبياء، لأن حديث الخليفة لا يقبل هذا ا لاستثناء وهذا التفريق بين زكريا عليه السلام وغيره. والنبوة إن اقتضت عدم التوريث فالأنبياء كلهم لا يورثون. ولا نحتمل أن يكون لنبوة زكريا عليه السلام خاصية جعلته يورث دون سائر الأنبياء. وما هو ذنب زكريا عليه السلام، أو ما هو فضله الذي يسجل له هذا الامتياز؟ أضف إلى ذلك أن تخصيص كلمة الأنبياء الواردة في الحديث والخروج بها عما تستحقه من وضع لا ضرورة له بعد أن كان الحديث كما أوضحناه سابقا، فهو تفسير على كل حال، فلماذا نفسر الحديث بأن تركة النبي لا تورث لنضطر إلى أن نقول بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعني بالأنبياء غير زكريا عليه السلام؟ بل لنأخذ بالتفسير الاخر ونفهم من الحديث أن الأنبياء ليس لهم من نفائس الدنيا ما يورثونه ونحفظ للفظ العام حقيقته (2).

(1) جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصح عنه قوله: (ما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار، أو فدعوه...).
راجع: أصول الكافي / الكليني 1: 55 كتاب فضل العلم - باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب، الرد على سير الأوزاعي / أبى يوسف الأنصاري: 25.
(2) والجملة خبرية وليست إنشائية، لأن إنشاء حكم على الأنبياء بعد وفاتهم، وانقراض ورثتهم لا معنى له، وحينئذ فالتخصيص يستلزم مجازية الاستعمال، وليس شأن صيغة الحديث شأن الجمل الانشائية التي يكشف تخصيصها عن عدم إرادة الخاص بالإرادة الجدية. ويقدم لذلك على سائر التأويلات والتجوزات، بل هي خبرية، والجملة الخبرية إذا خالفت الإرادة الاستعمالية فيها الجد والحقيقة كانت كذبا، فتخصيصها يستلزم صرفها إلى المعنى المجازي، وحينئذ فلا يرجع على تجوز آخر إذا دار الأمر بينهما. (الشهيد)
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185