حول البيت، يتحرون التبرك بالدخول فيه؟! وكيف وسع السدنة منع أولئك الجماهير عن قصدهم، وكبح رغباتهم الأكيدة طيلة تلك البرهة الطويلة؟!
ثم ما هذا الدؤب من الإمام على قراءة نصف القرآن الأول على رجله اليمنى، ونصفه الآخر على رجله اليسرى؟ أهو حكم متخذ من الكتاب؟ أم سنة متبعة صدع بها النبي الأعظم؟ أم بدعة لم نسمعها من غير الإمام؟ وهل في الألعاب الرياضية المجعولة لحفظ الصحة والابقاء على قوة البدن ونشاطه مثل ذلك؟ أنا لا أدري.
ثم كيف وسعت الإمام تلك الدعوى الباهظة العظيمة أمام رب العالمين سبحانه، وهو الواقف على السرائر والضمائر؟ وما أجرأه على دعوى لم يدعها نبي من الأنبياء حتى خاتمهم صلى الله عليه وآله وعليهم على سعة معرفتهم؟ ولا شك إن معرفته صلى الله عليه وآله أوسع، وقد أغرق فيها نزعا، ومع ذلك لم يؤثر عنه صلى الله عليه وآله تقحم الإمام في مناجاة أو دعاء، ولا يصدر مثل هذا إلا عن إنسان معجب بنفسه، مغتر بعلمه، غير عارف بالله حق المعرفة.
والمغفل صاحب الرواية يحسب إن الإمام ادعاها في عالم الشهود فصدقه عليها هاتف عالم الغيب، وليس هذا الهتاف المنسوج بيد الاختلاق الأثيمة إلا دعاية على الإمام وعلى مذهبه الذي هو أتفه المذاهب الاسلامية فقها، ولو كانت الأمة تصدق هذه البشارة لمعتنقي ذلك المذهب، ويراها من رب البيت لا من الأساطير المزورة لوجب عليها أن يكونوا حنفيين جمعاء، غير إن الأمة لا تصافق على صحتها، رضي بذلك الإمام أم لم يرض.
وأعجب من هذا ما ذكره العلامة البرزنجي قال:
ذهب بعض الحنفية إلى أن كلا من عيسى والمهدي يقلدان مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، وذكره بعض مشايخ الطريقة ببلاد الهند في تصنيف له بالفارسية شاع في تلك الديار، وكان بعض من يتوسم بالعلم من الحنفية، ويتصدر للتدريس يشهر هذا القول ويفتخر به ويقرره في مجلس درسه بالروضة النبوية.
وحكى الشيخ علي القاري عن بعضهم أنه قال: إعلم أن الله قد خص أبا حنيفة بالشريعة والكرامة، ومن كراماته: إن الخضر عليه السلام كان يجئ إليه كل يوم وقت الصبح ويتعلم منه أحكام الشريعة إلى خمس سنين، فلما توفي أبو حنيفة ناجى الخضر ربه