هم الأئمة الذين لا ينازعون في أمرهم ما أقاموا الدين، فمعاوية ومن اهتدى مثاله ممن لم يقيموا الدين بل ناوئوه وباينوه خارجون عنهم، وهاهنا تسقط مطامع معاوية وأمانيه التي أضلته من انطباق الرواية عليه وعلى نظرائه وإن لم يكونوا قحطانيين، فأولى به من تحذره عن تخلف نسبة قحطان عنه أخذه الحذر عن موانع الخلافة التي لا تبارحه أو كانت الخلافة في الطلقاء؟ أو كانت في غير البدريين؟ أو كان يشترط فيها فقدان العدل والتقوى في الخليفة؟ أو كان لآكلة الأكباد ورايتها نصيب من خلافة الله؟
وإن تعجب فعجب إن الرجل يعد عبد الله بن عمرو من الجهال، وهو الذي جاء فيه عن أبي هريرة: إنه أكثر الناس حديثا من رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان يكتب الحديث، وفي لفظ أبي عمر: أحفظ حديثا. وقال: كان فاضلا حافظا عالما، قرأ الكتاب واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يكتب حديثه فأذن له، وهو الذي أثنى عليه ابن حجر بغزارة العلم والاجتهاد في العبادة (1).
نعم: يقع معاوية في الرجل كمن ملأ إهابه علما، وشحن الطروس والسطور فقها وحديثا، ذهولا منه عن أن الأمة المنقبة حفظت عليه حديث عبادة بن الصامت من قوله له: إن أمك هند أعلم منك (2).
هذا معاوية ومبلغه من العلم بالسنة.
الإجماع قد عرفت آنفا أن من مدارك الاجتهاد في الأحكام الشرعية ومبادئها: الإجماع ولعل أقسط تعاريفه ما قاله الآمدي في الإحكام 1: 280: إنه اتفاق جملة من أهل الحل والعقد من أمة محمد في عصر من الأعصار على حكم واقعة من الوقايع.
فهلم ولننظر إلى معاوية وأقواله وتقولاته وأعماله وجرائمه وفقهه، واجتهاده هل يقع شئ منها في معقد من معاقد الإجماع؟ وأين أولئك الفقهاء، وأهل الحل والعقد في الفقه والدين الذين أصفقوا مع معاوية على ما عنده من بدع وتافهات؟ ومن كان منهم يومئذ ليطلوا سقطات معاوية الشاذة بالإجماع؟ وهل كان مبائة الفقهاء يومئذ في