الناس الذين كانت الصحابة تضادهم في المرمى؟ وهل في المعقول أن يلهج بهذا إلا معتوه؟
وهل نحت هذا الانسان الوضاع إن صدق في أحلامه عذرا مقبولا لأولئك الصحابة العدول الذابين عن عثمان بأنفسهم وأبنائهم الناقمين على من ناوئه في تأخيرهم دفنه ثلاثا وقد ألقي في المزبلة حتى زج بجثمانه إلى حش كوكب، دير سلع، مقبرة اليهود، ورمي بالحجارة، وشيع بالمهانة، وكسر ضلع من أضلاعه، وأودع الجدث بأثيابه من غير غسل ولا كفن، ولم يشيعه إلا أربعة، ولم يمكنهم الصلاة عليه؟ فهل كل هذا مشروع في الاسلام، والصحابة العدول يرونه ويعتقدون بأنه خليفة المسلمين، وأن من قتله ظالم، ولا ينبسون فيه ببنت شفة، ولا يجرون فيه أحكام الاسلام؟ أو أنهم ارتكبوا ذلك الحوب الكبير وهم لا يتحوبون متعمدين؟ معاذ الله من أن يقال ذلك. أو أن هذا الانسان زحزحته بوادره عن مجاري تلكم الأحكام، وحالت شوارده بينه وبين حرمات الله، وشرشرت منه جلباب الحرمة والكرامة ومزقته تمزيقا، حتى وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة؟
ومن الكذب الصريح في هذه الروايات عد سعد بن أبي وقاص في الرعيل الأول ممن بايع عليا عليه السلام وهو من المتقاعدين عن بيعته إلى آخر نفس لفظه وهذا هو المعروف منه والمتسالم عليه عند رواة الحديث ورجال التاريخ، وقد نحتت يد الافتعال في ذلك له عذرا أشنع من العمل، راجع مستدرك الحاكم 3: 116.
ومن المضحك جدا ما حكاه البلاذري في الأنساب 5: 93 عن ابن سيرين من قوله: لقد قتل عثمان وإن في الدار لسبعمائة منهم الحسن وابن الزبير فلو أذن لهم لأخرجوهم من أقطار المدينة.
وعن الحسن البصري (1) قال: أتت الأنصار عثمان فقالوا: يا أمير المؤمنين! ننصر الله مرتين نصرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وننصرك. قال: لا حاجة لي في ذلك ارجعوا. قال الحسن: والله لو أرادوا أن يمنعوه بأرديتهم لمنعوه.
أي عذر معقول أو مشروع هذا؟ يقتل خليفة المسلمين في عقر داره بين ظهراني سبعمائة صحابي عادل وهم ينظرون إليه، ومحمد بن أبي بكر قابض على لحيته عال بها