فقلت: مع طهارة مولد، فقال: هات ما معك. فأنشدته فأمر أن يخلع علي عشر قطع ثيابا، وأعطى أربعة آلاف درهم، فأخرج إلي ذلك وتسلمته وعدت إلى حضرته فقبلت الأرض وشكرته وقلت: أنا ممن يلبس الطيلسان فقال: ها هنا طيالس عدنية أعطوه منها طيلسانا وأضيفوا إليها عمامة خز. ففعلوا، فقال: أنشدني من شعرك في بني هاشم فأنشدته:
بني العباس إن لكم دماء * أراقتها أمية بالذحول (1) فليس بهاشمي من يوالي * أمية واللعين أبا زبيل فقال: ما بينك وبين أبي زبيل فقلت: أمير المؤمنين أعلم. فابتسم وقال: انصرف.
ويستفاد من غير واحد من الأخبار أن الناشي على كثرة شعره في أهل البيت عليهم السلام حظي منهم بالقبول والتقدير وحسبه ذلك مأثرة لا يقابلها أي فضيلة، ومكرمة خالدة تكسبه فوز النشأتين.
روى الحموي في " معجم الأدباء " قال: حدثني الخالع قال: كنت مع والدي في سنة ست وأربعين وثلاثمائة وأنا صبي في مجلس الكبوذي في المسجد الذي بين الوراقين والصاغة وهو غاص بالناس وإذا رجل قد وافى وعليه مرقعة وفي يده سطيحة وركوة ومعه عكاز، وهو شعث، فسلم على الجماعة بصوت يرفعه، ثم قال:
أنا رسول فاطمة الزهراء صلوات الله عليها فقالوا: مرحبا بك وأهلا ورفعوه فقال: أتعرفون لي أحمد المزوق النائح؟ فقالوا: هاهو جالس، فقال: رأيت مولاتنا عليها السلام في النوم فقالت: لي امض إلى بغداد واطلبه وقل له: نح على ابني بشعر الناشي الذي يقول فيه:
بني أحمد قلبي بكم يتقطع * بمثل مصابي فيكم ليس يسمع وكان الناشي حاضرا فلطم لطما عظيما على وجهه وتبعه المزوق والناس كلهم وكان أشد الناس في ذلك الناشي ثم المزوق ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم إلى أن صلى الناس الظهر، وتقوض المجلس، وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئا منهم، فقال: والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها فإنني لا أرى أن أكون رسول مولاتي عليها السلام ثم