وصاحبتني رجالات بذلت لها * مالي فكان سماحي يقتضي بذله فأعمل الدهر في ختلي مكائده * والدهر يعمل في أهل الهوى ختله لكن قنعت فلم أرغب إلى أحد * والحر يحمل عن أخوانه كله وتراه متى ما أبعده الزمان عن أخلائه وحجبهم عنه، عز عليه البين، وعظمت عليه شقته، وثقل عليه عبءه، فجاء في شكواه يفزع ويجزع، ويأن ويحن، فيصور على قارئ شعره حنانه وحنينه، ويمثل سجاح عينه لوعة وجده، ولهب هواه بمثل قوله:
يا من لعين ذرفت * ومن لروح تلفت منهلة عبرتها * كأنها قد طرفت (1) إن أمنت فاضت وإن * خافت رقيبا وقفت وإنما بكاؤها * على ليال سلفت وقوله يا معرضا لا يلتفت * بمثل ليلي لا تبت برح هجرانك بي * حتى رثى لي من شمت علقت قلبي بالمنى * فأحيه أو فأمت وبما كان [كشاجم] مجلوبا بالحنان ولين الجانب، وسجاحة الخلايق، و حسن الأدب، مطبوعا بالعطف والرأفة، مفطورا على عوامل الانسانية، والغرائز الكريمة، ولم يكن شريرا، ولا ردئ النفس، ولا بذي اللسان، ولا مسارعا في الوقيعة في أحد، كان يرى الشعر إحدى مآثره الجمة، ويعده من فضايله، وما كان يتخذه عدة للمدح، ولا جنة في الهجاء، وما يهمه التوجه إلى الجانبين، لم ير لأي منهما وزنا، لعدم تحريه التحامل على أحد، وعدم اتخاذه مكسبا ليدر له أخلاف الرزق، ولا آلة لدنياه وجمع حطامها، وكان يقول:
ولئن شعرت لما قصدت * هجاء شخص أو مديحه لكن وجدت الشعر للآداب * ترجمة فصيحه