بين الإفراط والتفريط، فلا يثبت لأهل البيت عليهم السلام إلا ما حق لهم من المراتب و المناقب أو ما هو دون مقامهم، ولا ينظم إلا ما ورد في أحاديث أئمة الدين من مناقبهم، وأما التهمة بالغلو فكلمة جاهل أو معاند، وعلى أي فتشيع العوني كان مشهورا في العصور المتقدمة على عهده وبعد وفاته، حتى أنه لما وقعت الفتنة بين الشيعة و السنة في بغداد سند 443 واحتدم بينهما القتال فكانت مما جاءت به يد الجور من الفظايع أنهم نبشوا قبور جماعة من الشيعة وطرحوا النيران في ترابهم ومنهم العوني (المترجم) والناشي علي بن وصيف الآنف ذكره، والشاعر المعروف الجذوعي (1) كان العوني يتفنن في الشعر، ويأتي بأساليبه وفنونه وبحوره، مقدرة منه على تحوير القول وصياغة الجمل كيف ما شاء وأحب. قال ابن رشيق في العمدة ج 1 ص 154: ومن الشعر نوع غريب يسمونه (القواديسي) تشبيها بالقواديس السانية، لارتفاع بعض قوافيه في جهة وانخفاضها في الجهة الأخرى، فأول من رأيته جاء به طلحة بن عبيد الله العوني في قوله وهي من قصيدة له مشهورة طويلة:
كم للدمى الأبكار بالجنتين * من منازل بمهجتي للوجد من * تذكارها منازل معاهد رعيلها * مثعنجر الهواطل لما نأى ساكنها * فأدمعي هواطل وللعوني معاني فخمة في شعره استحسنها معاصروه ومن بعده فحذوا حذوه في صياغة تلك المعاني لكن الحقيقة تشهد بأن الفضل لمن سبق، قال أبو سعيد محمد بن أحمد العبيدي في [الإبانة عن سرقات المتنبي] ص 22 قال العوني:
مضى الربيع وجاء الصيف يقدمه * جيش من الحر يرمي الأرض بالشرر كأن بالجو ما بي من جوى وهوى * ومن شحوب فلا يخلو من الكدر قال المتنبي [المقتول 354]: