فقلت له: يا ابن رسول الله إنه أمرني أن لا آتيه بك إلا مسحوبا، قال: فقال الصادق:
امتثل يا ربيع ما أمرك به، قال: فأخذت بطرف كمه أسوقه إليه، فلما أدخلته إليه رأيته وهو جالس على سريره، وفي يده عمود حديد يريد أن يقتله به، ونظرت إلى جعفر عليه السلام وهو يحرك شفتيه، فلم أشك أنه قاتله، ولم أفهم الكلام الذي كان جعفر عليه السلام يحرك به شفتيه به، فوقفت انظر إليها.
قال الربيع: فلما قرب منه جعفر بن محمد قال له المنصور: ادن مني يا ابن عمي، وتهلل وجهه، وقربه منه، حتى أجلسه معه على السرير، ثم قال: يا غلام ائتني بالحقة فأتاه بالحقة، فإذا فيها قدح الغالية، فغلفه (1) منها بيده، ثم حمله على بغلة وأمر له ببدرة، وخلعة، ثم أمره بالانصراف قال: فلما نهض من عنده خرجت بين يديه حتى وصل إلى منزله، فقلت له: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله إني لم أشك فيه ساعة تدخل عليه يقتلك، ورأيتك تحرك شفتيك في وقت دخولك فما قلت؟ قال لي: نعم، يا ربيع اعلم أني قلت:
" حسبي الرب من المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي من لم يزل حسبي، حسبي الله الذي لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم حسبي الذي لم يزل حسبي، حسبي حسبي حسبي الله ونعم الوكيل.
اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واحفظني بعزك، واكفني شره بقدرتك، ومن علي بنصرك وإلا هلكت وأنت ربى، اللهم إنك أجل وأخير مما أخاف وأحذر اللهم إني أدرء بك في نحره، وأعوذ بك من شره، وأستعينك عليه، وأستكفيك إياه، يا كافي موسى فرعون، ومحمد صلى الله عليه وآله الأحزاب. الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون، لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " (2).