فلما قدموا راحلته وخرج ليركب سمعته يقول:
اللهم بك أستفتح، وبك أستنجح، وبمحمد صلى الله عليه وآله أتوجه، اللهم ذلل لي حزونته، وكل حزونة، وسهل لي صعوبته، وكل صعوبة، وارزقني من الخير فوق ما أرجو، واصرف عني من الشر فوق ما أحذر، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.
قال: فلما دخلنا الكوفة نزل فصلى ركعتين، ثم رفع يده إلى السماء فقال:
اللهم رب السماوات السبع وما أظلت، ورب الأرضين السبع وما أقلت، والرياح وما ذرأت، والشياطين وما أضلت، والملائكة وما عملت، وأسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقني خير هذه البلدة، وخير ما فيها وخير أهلها، وخير ما قدمت له، وأن تصرف عني شرها وشر ما فيها وشر أهلها، وشر ما فدمت له.
قال الربيع: فلما وافى إلى حضرة المنصور، دخلت فأخبرته بقدوم جعفر ابن محمد وإبراهيم، فدعا المسيب بن زهير الضبي فدفع إليه سيفا وقال له: إذا دخل جعفر بن محمد فخاطبته وأومأت إليك فاضرب عنقه. ولا تستأمر، فخرجت إليه وكان صديقا لي الاقيه وأعاشره إذا حججت، فقلت: يا ابن رسول الله إن هذا الجبار قد أمر فيك بأمر كرهت أن ألقاك به، وإن كان في نفسك شئ تقول أو توصيني به، فقال: لا يروعك ذلك، فلو قد رآني لزال ذلك كله، ثم أخذ بمجامع الستر، فقال:
يا إله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلى الله عليه وعليهم، تولني في هذه الغداة، ولا تسلط علي أحدا من خلقك بشئ لا طاقة لي به.
ثم دخل به فحرك شفتيه بشئ لم أفهمه، فنظرت إلى المنصور فما شبهته إلا بنار صب عليها ماء فخمدت، ثم جعل يسكن غضبه حتى دنا منه جعفر بن محمد عليهما السلام وصار مع سريره فوثب المنصور فأخذ بيده ورفعه على سريره، ثم