وتبلج مثله.
وهذه الفقرة موافقة لقوله تعالى: " وإن من شئ إلا يسبح بحمده " (1) فان كل شئ يدل على أنه تعالى متصف بصفات الكمال، مقدس عن سمات النقص، فكأنه يحمده ويسبحه، وذهب الكبراء إلى أن ذلك الحمد والتسبيح حقيقيان لا مجازيان، والاعجاز في تسبيح الحصى في كف النبي صلى الله عليه وآله إنما هو باعتبار إسماع المحجوبين، ويساعد هذا قوله تعالى: " قالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ " (2) وقد ناسب إثبات النطق للصبح قوله تعالى: " والصبح إذا تنفس " (3).
" و " يا من " سرح " بالتخفيف أو التشديد والأول أنسب لفظا بقوله: " دلع " أي أرسل يقال سرحت فلانا إلى موضع كذا إذا أرسلته إليه وقال الله تعالى " أو تسريح باحسان " (4) أقول: ويحتمل أن يكون من تسريح الشعر " قطع الليل المظلم " القطع بكسر القاف وفتح الطاء جمع قطعة، والظلمة عدم النور، وظلم الليل بالكسر وأظلم بمعنى، وفي بعض النسخ المدلهم بدل المظلم، وليلة مدلهمة أي مظلمة " بغياهب " هي جمع غيهب وهو الظلمة، والباء إما بمعنى " مع " ومتعلقة بقوله " سرح " أو للسببية، ومتعلقة بقوله " المظلم " والمعنى يا من أذهب القطع المختلفة من الليل المظلم مع ظلماته المحسوسة في تردده أو المظلم بسبب هذه الظلمات " تلجلجه " التلجلج التردد والاضطراب، وقيل: يقال يلجلج في فمه مضغة أي يرددها في فمه للمضع، ومعنى قولهم " الحق أبلج والباطل لجلج " أن الحق ظاهر والباطل غير مستقيم بل متردد، ولجة البحر تردد أمواجه، ولجة الليل تردد ظلامه.
" و " يا من " أتقن " أي أحكم " صنع الفلك الدوار " الصنع بالضم الفعل، والفلك ما سوى العنصريات من الأجسام، والدوار أي المتحركة بالاستدارة " بمقادير تبرجه " المقادير جمع مقدور من القدرة، وهي ضد العجز والتبرج هو إظهار