يا مولاي، مع هوان ما طمعت فيه منك عليك، وعسره عندي ويسره عليك، وعظيم قدره عندي، وكبير خطره لدى، وموقعه مني، مع جودك بجسيم الأمور، وصفحك عن الذنب الكبير، لا يتعاظمك يا سيدي ذنب أن تغفره، ولا خطيئة أن تحطها عني وعمن هو أعظم جرما مني، لصغر خطري في ملكك، مع تضرعي وثقتي بك وتوكلي عليك، ورجائي إياك، وطمعي فيك، فيحول ذلك بيني وبين خوفي من دخول النار.
ومن أنا يا سيدي فتقصد قصدي بغضب يدوم منك علي، تريد به عذابي، ما أنا في خلقك إلا بمنزلة الذرة في ملكك العظيم، فهب لي نفسي بجودك وكرمك فإنك تجد مني خلقا ولا أجد منك وبك غنى عني، ولا غنا بي حتى تلحقني بهم فتصيرني معهم إنك أنت العزيز الحكيم.
رب حسنت خلقي، وعظمت عافيتي، ووسعت على في رزقي، ولم تزل تنقلني من نعمة إلى كرامة، ومن كرامة إلى فضل، تجدد لي ذلك في ليلي ونهاري لا أعرف غير ما أنا فيه حتى ظننت أن ذلك واجب عليك لي، وأنه لا ينبغي لي أن أكون في غير مرتبتي، لأني لم أدر ما عظيم البلاء فأجد لذة الرخاء، ولم يذلني الفقر فأعرف فضل الامن، فأصبحت وأمسيت في غفلة مما فيه غيري ممن هو دوني فكفرت ولم اشكر بلاءك، ولم أشك أن الذي أنا فيه دائم غير زائل عني، لا أحدث نفسي بانتقال عافية وتحويل فقر، ولا خوف ولا حزن في عاجل دنياي وآجل آخرتي فيحول ذلك بيني وبين التضرع إليك في دوام ذلك لي، مع ما أمرتني به من شكرك ووعدتني عليه من المزيد من لديك.
فسهوت ولهوت، وغفلت وأمنت، وأشرت وبطرت وتهاونت حتى جاء التغيير مكان العافية، بحلول البلاء، ونزل الضر بمنزلة الصحة وبأنواع السقم والأذى وأقبل الفقر بإزاء الغنى، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت إليه فسألتك مسألة من لا يستوجب أن تسمع له دعوة لعظيم ما كنت فيه من الغفلة، وطلبت طلبة من لا يستحق نجاح الطلبة، للذي كنت فيه من اللهو والفترة، وتضرعت تضرع من لا يستوجب