رجونا إقالتك وقد جاهرناك بالكبائر، واستخفينا فيها من أصاغر خلقك ولا نحن راقبناك خوفا منك وأنت معنا، ولا استحيينا منك وأنت ترانا، ولا رعينا حق حرمتك أي رب، فبأي وجه - عز وجهك - نلقاك، أو بأي لسان نناجيك وقد نقضنا العهود بعد توكيدها وجعلناك علينا كفيلا.
ثم دعوناك عند البلية، ونحن مقتحمون في الخطيئة، فأجبت دعوتنا وكشفت كربتنا، ورحمت فقرنا وفاقتنا، فيا سوأتاه ويا سوء صنيعاه بأي حالة عليك اجترأنا وأي تغرير بمهجنا غررنا، أي رب بأنفسنا استخففنا عند معصيتك لا بعظمتك، و بجهلنا اغتررنا لا بحلمك، وحقنا أضعنا لا كبير حقك، وأنفسنا ظلمنا، ورحمتك رجونا، فارحم تضرعنا، وكبونا لوجهك وجوهنا المسودة من ذنوبنا، فنسئلك أن تصلى على محمد وآل محمد وأن تصل خوفنا بأمنك، ووحشتنا بأنسك، ووحدتنا بصحبتك وفناءنا ببقائك، وذلنا بعزك، وضعفنا بقوتك، فإنه لا ضيعة على من حفظت، ولا ضعف على من قويت، ولا وهن على من أعنت.
نسئلك يا واسع البركات، ويا قاضي الحاجات، ويا منجح الطلبات أن تصلى على محمد وآل محمد وأن ترزقنا خوفا وحزنا تشغلنا بهما عن لذات الدنيا وشهواتها، وما يعترض لنا فيها عن العمل بطاعتك، إنه لا ينبغي لمن حملته من نعمك ما حملتنا أن يغفل عن شكرك، وأن يتشاغل بشئ غيرك، يامن هو عوض من كل شئ، وليس منه عوض.
ربنا فداونا قبل التعلل، واستعملنا بطاعتك قبل انصرام الاجل، وارحمنا قبل أن يحجب دعاؤنا فيما نسئل، وامنن علينا بالنشاط، وأعذنا من الفشل والكسل والعجز والعلل، والضرر والضجر، والملل، والرياء والسمعة، والهوى والشهوة والأشر والبطر، والمرح والخيلاء، والجدال والمراء، والسفه والعجب، والطيش وسوء الخلق، والغدر، وكثرة الكلام فيما لا تحب، والتشاغل بما لا يعود علينا نفعه وطهرنا من اتباع الهوى، ومخالطة السفهاء، وعصيان العلماء، والرغبة عن القراء، ومجالسة الدناة، واجعلنا ممن يجالس أولياءك، ولا تجعلنا من المقارنين