بالعفو تجود لما عصيتك وإلى الذنب أعود، إلهي لولا أن العفو أحب الأشياء لديك، لما عصاك أحب الخلق إليك، إلهي رجائي منك غفران، وظني فيك إحسان، أقلني عثرتي ربي، فقد كان الذي كان، فيا من له رفق بمن يعاديه، فكيف بمن يتولاه ويناجيه، ويا من كلما نودي أجاب، ويا من بجلاله ينشئ السحاب أنت الذي قلت: من الذي دعاني فلم ألبه، ومن الذي سألني فلم أعطه، ومن الذي أقام ببابي فلم أجبه وأنت الذي قلت أنا الجواد، ومني الجود، وأنا الكريم ومني الكرم ومن كرمي في العاصين أن أكلاهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني، و أتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوني.
إلهي من الذي يفعل الذنوب ومن الذي يغفر الذنوب؟ فأنا فعال الذنوب وأنت غفار الذنوب، إلهي بئسما فعلت من كثرة الذنوب والعصيان، ونعم ما فعلت من الكرم والاحسان، إلهي أنت أغرقتني بالجود والكرم والعطايا، وأنا الذي أغرقت نفسي بالذنوب والجهالة والخطايا، وأنت مشهور بالاحسان، وأنا مشهور بالعصيان.
إلهي ضاق صدري، ولست أدري بأي علاج أداوي ذنبي، فكم أتوب منها وكم أعود إليها، وكم عليها ليلى ونهاري، فحتى متى يكون وقد أفنيت بها عمري، إلهي طال حزني ورق عظمي، وبلي جسمي، وبقيت الذنوب على ظهري فإليك أشكو سيدي فقري وفاقتي، وضعفي وقلة حيلتي.
إلهي ينام كل ذي عين ويستريح إلى وطنه، وأنا وجل القلب، وعيناي تنتظران رحمة ربي، فأدعوك يا رب فاستجب دعائي، واقض حاجتي، وأسرع بإجابتي، إلهي أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون، ولست أيئس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون، إلهي أتحرق بالنار وجهي، وكان لك مصليا؟ إلهي أتحرق بالنار عيني وكانت من خوفك باكية؟ إلهي أتحرق بالنار لساني وكان للقرآن تاليا؟ إلهي أتحرق بالنار قلبي وكان لك محبا؟ إلهي أتحرق بالنار جسمي وكان لك خاشعا؟ إلهي أتحرق بالنار أركاني وكانت لك ركعا سجدا.