ذلك أخلناها من أن يكون لها حكم، ولا يجوز أن يبطل حكم الله في حادثة من الحوادث، لأنه سبحانه يقول: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " (1) ولما رأينا الحكم لا يخلو والحدث لا ينفك من الحكم التمسناه من النظائر لكي لا تخلو الحادثة من الحكم بالنص أو بالاستدلال وهذا جائز عندنا.
قالوا: وقد رأينا الله تعالى قاس في كتابه بالتشبيه والتمثيل، فقال: " خلق الانسان من صلصال كالفخار * وخلق الجان من مارج من نار " (2) فشبه الشئ بأقرب الأشياء به شبها.
قالوا: وقد رأينا النبي استعمل الرأي والقياس بقوله للمرأة الخثعمية حين سألت عن حجها عن أبيها فقال: أرأيت لو كان على أبيك دين لكنت تقضينه عنه؟ فقد أفتاها بشئ لم تسأل عنه، وقوله لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن: أرأيت يا معاذ إن نزلت بك حادثة لم تجد لها في كتاب الله عز وجل أثرا ولا في السنة ما أنت صانع؟ قال: أستعمل رأيي فيها، فقال: الحمد لله الذي وفق رسوله إلى ماء يرضيه.
قالوا: وقد استعمل الرأي والقياس كثير من الصحابة ونحن على آثارهم مقتدون، ولهم احتجاج كثير في مثل هذا.
فقد كذبوا على الله تعالى في قولهم إنه احتاج إلى القياس، وكذبوا على رسوله صلى الله عليه وآله قالوا عنه ما لم يقل من الجواب المستحيل.
فنقول لهم ردا عليهم: إن أصول أحكام العبادات وما يحدث في الأمة من النوازل والحوادث، لما كانت موجودة عن السمع والنطق والنص المختص في كتاب ففروعها مثلها وإنما أردنا بالأصول في جميع العبادات والمفترضات، التي نص الله عز وجل عليها وأخبرنا عن وجوبها، وعن النبي صلى الله عليه وآله وعن وصيه المنصوص عليه بعده في البيان من أوقاتها وكيفيتها وأقدارها في مقاديرها عن الله عز وجل، مثل فرض الصلاة