جناح عليهن " (1) إلى آخر الآية.
قال عليه السلام: ومن ذلك أن الله تبارك وتعالى لما بعث محمدا صلى الله عليه وآله أمره في بدو أمره أن يدعو بالدعوة فقط، وأنزل عليه " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا * وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا * ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذيهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا " (2) فبعثه الله تعالى بالدعوة فقط، وأمره أن لا يؤذيهم.
فلما أرادوه بما هموا به من تبييته أمره الله تعالى بالهجرة وفرض عليه القتال فقال سبحانه: " اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " (3) فلما امر الناس بالحرب، جزعوا وخافوا فأنزل الله تعالى " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب - إلى قوله سبحانه - أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة " (4) فنسخت آية القتال آية الكف، فلما كان يوم بدر وعرف الله تعالى حرج المسلمين، أنزل على نبيه " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله " (5) فلما قوي الاسلام، وكثر المسلمون أنزل الله تعالى و " لا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم " (6) فنسخت هذه الآية التي أذن لهم فيها أن يجنحوا، ثم أنزل سبحانه في آخر السورة (7) " واقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم " (8) إلى آخر الآية.
ومن ذلك أن الله تعالى فرض القتال على الأمة فجعل على الرجل الواحد