عليه في الكتاب من الازراء عليه، وانخفاض محله، وغير ذلك من تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب به أحدا من الأنبياء مثل قوله: " ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين " (1) وقوله: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا " (2) وقوله: " وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " (3) وقوله: " ما أدري ما يفعل بي ولا بكم " (4) وهو يقول: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " (5) و " كل شئ أحصيناه في إمام مبين " (6).
فإذا كانت الأشياء تحصى في الامام وهو وصي النبي فالنبي أولى أن يكون بعيدا من الصفة التي قال فيها: " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " وهذه كلها صفات مختلفة وأحوال مناقضة وأمور مشككة، فان يكن الرسول والكتاب حقا فقد هلكت لشكي في ذلك، وإن كانا باطلين فما على من بأس.
فقال أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه: سبوح قدوس رب الملائكة والروح تبارك الله وتعالى هو الحي الدائم القائم على كل نفس بما كسبت، هات أيضا ما شككت فيه، قال: حسبي ما ذكرت يا أمير المؤمنين قال عليه السلام: سأنبئك بتأويل ما سألت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وعليه فليتوكل المؤمنون.
فأما قوله تعالى: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " (7) وقوله: " يتوفاكم ملك الموت (8) و " توفته رسلنا " (9) و " تتوفاهم الملائكة طيبين " (10) و " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " (11) فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم