الرابع: ما أكد الحكم به بعد هذه الآية وهو أيضا من وجوه:
الأول قوله: (فإذا قضيت الصلاة) فإنه بناء على كون الامر للإباحة كما هو الأشهر والأظهر هنا، دل بمفهوم الشرط على عدم إباحة الانتشار قبل الصلاة.
الثاني أن أصل هذا الكلام نوع تأكيد للحكم بإزاحة علتهم في ذلك، أي إن كان غرضكم التجارة فهو ميسور ومقدور بعد الصلاة، فلم تتركون الصلاة لذلك.
الثالث تعليق الفلاح بما مر كما مر.
الرابع الاتيان به بلفظ الترجي ليعلموا أن تحصيل الفلاح أمر عظيم لا يمكن الجزم بحصوله بقليل من الاعمال، ولامع عدم حصول شرايط القبول، فيكون أحث لهم على العمل ورعاية شرايطه.
الخامس لومهم على ترك الصلاة والتوجه إلى التجارة واللهو أشد لوم.
السادس بيان المثوبات المترتبة على حضور الصلاة.
السابع إجمال هذه المثوبات إيذانا بأنه لا يمكن وصفه ولا يكتنه كنهه ولا يصل عقول المخاطبين إليه.
الثامن بيان أن اللذات الأخروية ليست من جنس المستلذات الدنيوية و أنها خير منها بمراتب.
التاسع بيان أن الرازق والقادر عليه، فلا ينبغي ترك طاعته وخدمته لتحصيل الرزق، فإنه قادر على أن يحرمكم مع ترك الطاعة ويرزقكم مع فعلها.
العاشر بيان أنه خير الرازقين على سبيل التنزل، أي لو كان غيره رازق فهو خير منه، فكيف ولا رازق سواه، ويحتاج إليه كل ما عداه.
الحادي عشر تعقيب هذه السورة بسورة المنافقين إيذانا بأن تارك هذه الفضيلة من غير علة منافق، كما ورد في الأخبار الكثيرة من طرق الخاصة والعامة، وبه يظهر سر تلك الأخبار، ويشهد له الامر بقراءتهما في الجمعة، وصلوات ليلة الجمعة و يومها، وتكرر ذكر الله فيهما على وجه واحد.