ويسره للحسنى، فان جار الله آمن محفوظ، وعدوه خائف مغرور، فاحترسوا من الله عز ذكره بكثرة الذكر، واخشوا منه بالتقى، وتقربوا إليه بالطاعة فإنه قريب مجيب.
قال الله عز وجل: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " (1) فاستجيبوا لله وآمنوا به وعظموا الله الذي لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظم (2) فان رفعة الذين يعلمون ما عظمة الله أن يتواضعوا له، وعز الذين يعلمون ما جلال الله أن يذلوا له وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له، فلا ينكرون أنفسهم بعد حد المعرفة، ولا يضلون بعد الهدى، فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الأجرب (3) والباري من ذي السقم.
واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه، ولن تعرفوا الضلالة حتى تعرفوا الهدى، ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع، والتكلف، ورأيتم الفرية على الله وعلى رسوله والتحريف لكتابه ورأيتم كيف هدى الله من هدى، فلا يجهلنكم (4) الذين لا يعلمون علم القرآن إن علم القرآن ليس بعلم، ما هو إلا من ذاق طعمه، فعلم بالعلم جهله، وبصر به عماه (5)، وسمع به صممه، وأدرك به علم ما فات، وحيى به بعد إذ مات، وأثبت عند الله عز ذكره الحسنات، ومحابه السيئات، وأدرك به رضوانا من الله تبارك وتعالى.