لهم سبحانه في كتابه (1) من غير أن كونوا رأوه، فأراهم حلمه كيف حلم (2) وأراهم عفوه كيف عفا، وأراهم قدرته كيف قدر، وخوفهم من سطوته، وكيف خلق ما خلق من الآيات، وكيف محق من محق من العصاة بالمثلات، واحتصد من احتصد بالنقمات (3) وكيف رزق وهدى أعطى، وأراهم حكمه كيف حكم (4) وصبر حتى يسمع ما يسمع ويرى. فبعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وآله بذلك.
ثم إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شئ أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله تعالى و رسوله صلى الله عليه وآله صلى الله عليه وآله، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور (5) من الكتاب إذا تلا حق تلاوته، ولا سلعة أنفق بيعا 6) ولا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرف عن مواضعه، وليس في العباد ولا في البلاد شئ، هو أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر، وليس فيها فاحشة أنكر ولا عقوبة أنكى من الهدى (7) عند الضلال في ذلك الزمان، فقد نبذ الكتاب حملته، وتناساه حفظته (8) حتى تمالت بهم الأهواء، وتوارثوا ذلك من الآباء وعملوا بتحريف الكتاب كذبا وتكذيبا فباعوه بالبخس (9) وكانوا فيه من الزاهدين.
فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد، لا يؤويهما مؤو، فحبذا ذانك الصاحبان، واها لهما ولما يعملان