بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧١ - الصفحة ٦٢
أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في كلام له إياكم وعقوق الوالدين. فان ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام، ولا يجدها عاق ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان ولا جار إزاره خيلاء إنما الكبرياء لله رب العالمين (1).
بيان: وكأن الخمسمائة (2) بالنسبة إلى الجميع، والألف بالنسبة إلى جماعة ويؤيده التعميم في السابق، حيث قال من كانت له روح أو يكون الاختلاف بقلة كشف الأغطية وكثرتها، ويؤيده أن في الخبر السابق غطاء فيكون هذا الخبر إذا كشف غطاءان مثلا، وفيما سيأتي في كتاب الوصايا " وإن ريحها لتوجد من مسيرة ألفي عام " فيما إذا كشفت أربعة أغطية مثلا.
أو يكون بحسب اختلاف الوجدان وشدة الريح وخفتها، ففي الخمسمائة توجد ريح شديد وهكذا أو باختلاف الأوقات، وهبوب الرياح الشديدة، أو الخفيفة، أو تكون هذه الاعداد كناية عن مطلق الكثرة، ولا يراد بها خصوص العدد، كما في قوله تعالى " إن تستغفر لهم سبعين مرة " (3).
ويطلق الإزار بالكسر غالبا على الثوب الذي يشد على الوسط تحت الرداء، وجفاة العرب كانوا يطيلون الإزار، فيجر على الأرض (4) ويمكن أن يراد هنا مطلق الثوب كما فسره في القاموس بالملحفة فيشمل تطويل الرداء (5) وسائر الأثواب

(١) الكافي ج ٢: ٣٤٩.
(2) يعنى المذكور في الحديث الذي مر تحت الرقم 24.
(3) براءه: 80.
(4) والمظنون الظاهر أنهم كانوا يأنفون عن أن يشقوا طاقة الثوب الطويل بشقين فيأتزرون بشقة واحدة منها كالفقراء والمقتصدين، بل كانوا يشدون طرفا منها على أوساطهم والزائد من الطرف الآخر يجرونه على الأرض وهو مسحوب عن ايمانهم أو عن شمائلهم لا أنهم كانوا يلبسون السروال الطويل، أو الإزار الملفق العريض، فإنه لا يمكن المشي معها فإنها يلتف على الاقدام.
(5) الرداء هو الثوب الذي يلقى على المناكب ويلف به أعالي البدن - كما يجئ في كتاب الزي والتجمل - والإزار ما كان يلف به أسافل البدن من السرة إلى الركبتين أو الساقين - هذا هو المعهود من الرداء والإزار في صدر الاسلام، وهو المعهود الان من لباس الاحرام للرجال.
وأما الرداء المعروف عندنا اليوم الذي يخاط كالجبة الواسعة، ويلبس فوق الثياب فشئ مستحدث، لا يحمل عليه حديث، ومراد الفيروزآبادي من الملحفة: كل ثوب يغطى وليس بمخيط، لا أنه طويل أو عريض. كما هو الظاهر من نصوص اللغويين، وأما تطويل الرداء المعروف المعهود فكسائر الأثواب المخيطة يستفاد كراهتها من دليل آخر كما استفاده بعض من قوله: " وثيابك فطهر ".
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست