الآخرة وما ينفعه فيها ويخلصه من شدائدها، وإنما نسب الخوف منهما إلى نفسه القدسية، لأنه هو مولى المؤمنين والمتولي لاصلاحهم والراعي لهم في معاشهم والداعي لهم إلى صلاح معادهم.
20 - الكافي: عن العدة، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن عبد الرحمان بن الحجاج قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: اتق المرقى السهل إذا كان منحدره وعرا، وقال: كان أبو عبد الله عليه السلام يقول: لا تدع النفس وهواها، فان هواها في رداها، وترك النفس وما تهوى أذاها وكف النفس عما تهوى دواها (1).
بيان: " اتق المرقى السهل " الخ المرقى والمرتقى والمرقاة موضع الرقي والصعود من رقيت السلم والسطح والجبل علوته، والمنحدر الموضع الذي ينحدر منه أي ينزل من الانحدار وهو النزول، الوعر ضد السهل، قال الجوهري:
جبل وعر بالتسكين ومطلب وعر قال الأصمعي: ولا تقل وعر، أقول: ولعل المراد به النهي عن طلب الجاه والرياسة وسائر شهوات الدنيا ومرتفعاتها فإنها وإن كانت مؤاتية على اليسر والخفض، إلا أن عاقبتها عاقبة سوء، والتخلص من غوائلها وتبعاتها في غاية الصعوبة.
والحاصل أن متابعة النفس في أهوائها والترقي من بعضها إلى بعض، وإن كانت كل واحدة منها في نظره حقيرة، وتحصل له بسهولة، لكن عند الموت يصعب عليه ترك جميعها، والمحاسبة عليها، فهو كمن صعد جبلا بحيل شتى فإذا انتهى إلى ذروته تحير في تدبير النزول عنها وأيضا تلك المنازل الدنية تحصل له في الدنيا بالتدريج وعند الموت لابد من تركها دفعة ولذا تشق عليها سكرات الموت بقطع تلك العلائق، فهو كمن صعد سلما درجة درجة، ثم سقط في آخر درجة منه دفعة فكلما كانت الدرجات في الصعود أكثر كان السقوط منها أشد ضررا وأعظم خطرا فلابد للعاقل أن يتفكر عند الصعود على درجات الدنيا في شدة النزول عنها فلا يرقى