فأخرجها فحفر لها فرجمها ومعه الناس فلما ظن أنها قد ماتت تركها.
وانصرف وجن بها الليل، وكان بها رمق، فتحركت فخرجت من الحفيرة ثم مشت على وجهها حتى خرجت من المدينة فانتهت إلى دير فيها ديراني فنامت على باب الدير فلما أصبح الديراني فتح الباب ورآها فسألها عن قصتها فخبرته فرحمها وأدخلها الدير، وكان له ابن صغير لم يكن له غيره، وكان حسن الحال فداواها حتى برئت من علتها واندملت ثم دفع إليها ابنه فكانت تربيه.
وكان للديراني قهرمان (1) يقوم بأمره فأعجبته فدعاها إلى نفسه، فأبت فجهد بها فأبت، فقال: لئن لم تفعلي لاجتهدن في قتلك، فقالت: اصنع ما بدا لك فعمد إلى الصبي فدق عنقه وأتى الديراني فقال له: عمدت إلى فاجرة قد فجرت فدفعت إليها ابنك فقتلته، فجاء الديراني فلما رآها قال لها: ما هذا فقد تعلمين صنيعي بك فأخبرته بالقصة فقال لها: [ليس تطيب نفسي أن تكون عندي، فاخرجي!
فأخرجها ليلا ودفع إليها عشرين درهما وقال لها:] (2) تزودي هذه الله حسبك فخرجت ليلا فأصبحت في قرية فإذا فيها مصلوب على خشبة وهو حي فسألت عن قصته فقالوا:
عليه دين عشرون درهما ومن كان عليه دين عندنا لصاحبه صلب حتى يؤدي إلى صاحبه فأخرجت عشرين درهما ودفعتها إلى غريمه وقالت: لا تقتلوه فأنزلوه عن الخشبة فقال لها: ما أحد أعظم علي منة منك، نجيتني من الصلب ومن الموت، فأنا معك حيث ما ذهبت.
فمضى معها ومضت حتى انتهيا إلى ساحل البحر فرأى جماعة وسفنا فقال لها: اجلسي حتى أذهب أنا أعمل لهم وأستطعم وآتيك به، فأتاهم فقال لهم: ما في سفينتكم هذه؟ قالوا: في هذه تجارات وجوهر وعنبر وأشياء من التجارة وأما هذه فنحن فيها، قال: وكم يبلغ ما في سفينتكم، قالوا: كثير لا نحصيه قال: