بالله وتقصيره من رجائه لله، وسوء خلقه، ومن اغتيابه للمؤمنين، والله لا يحسن عبد مؤمن ظنا بالله إلا كان الله عند ظنه به، لان الله عز وجل كريم يستحيي أن يخلف ظن عبده ورجائه، فأحسنوا الظن بالله، وارغبوا إليه وقد قال الله عز وجل:
" الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء " (1).
وروي أن داود عليه السلام قال: يا رب ما آمن بك من عرفك، فلم يحسن الظن بك.
وروي أن آخر عبد يؤمر به إلى النار فيلتفت فيقول: يا رب لم يكن هذا ظني بك، فيقول: ما كان ظنك بي؟ قال: كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي وتسكني جنتك، فيقول الله عز وجل: يا ملائكتي وعزتي وجلالي وجودي وكرمي وارتفاعي في علوي ما ظن بي عبدي خيرا ساعة قط ولو ظن بي ساعة خيرا ما روعته بالنار، أجيزوا له كذبه، وأدخلوه الجنة.
ثم قال العالم عليه السلام: قال الله عز وجل: ألا لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي، كانوا مقصرين غير بالغين في عباداتهم كنه عبادتي فيما يظنونه (2) عندي من كرامتي، ولكن برحمتي فليثقوا، ومن فضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن [بي] فليطمئنوا فان رحمتي عند ذلك تدركهم، ومنتي تبلغهم، ورضواني ومغفرتي يلبسهم، فاني أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك سميت.
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إن الله أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام أن [اجعل] في الحبس رجلين من بني إسرائيل فحبسهما ثم أمره باطلاقهما قال: فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة، فقال له: ما الذي بلغ بك ما أرى منك؟ قال: الخوف من الله، ونظر إلى الآخر لم يتشعب منه شئ فقال له: أنت وصاحبك كنتما في أمر واحد وقد رأيت بلغ الامر بصاحبك وأنت لم يتغير؟ فقال له الرجل: إنه كان ظني بالله جميلا حسنا فقال: يا رب قد سمعت مقالة عبديك فأيهما أفضل؟ قال: