الأعمال التي وعد فيها كثرة المال ولا يتوجه إلى الطاعات التي وعد فيها قرب ذي الجلال، وكذا من استولى عليه حب الجاه ليس مقصوده في أعماله إلا ما يوجب حصوله، وكذا سائر الأغراض الباطلة الدنيوية، فلا يخلص العمل لله سبحانه وللآخرة إلا باخراج حب هذه الأمور من القلب، وتصفيته عما يوجب البعد عن الحق.
فللناس في نياتهم مراتب شتى بل غير متناهية بحسب حالاتهم، فمنها ما يوجب فساد العمل وبطلانه، ومنها ما يوجب صحته، ومنها ما يوجب كماله، ومراتب كماله أيضا كثيرة فأما ما يوجب بطلانه فلا ريب في أنه إذا قصد الرئاء المحض أو الغالب، بحيث لو لم يكن رؤية الغير له لا يعمل هذا العمل، إنه باطل لا يستحق الثواب عليه، بل يستحق العقاب، كما دلت عليه الآيات والأخبار الكثيرة، وأما إذا ضم إلى القربة غيرها بحيث كان الغالب القربة، ولو لم تكن الضميمة يأتي بها ففيه إشكال، ولا تبعد الصحة، ولو تعلق الرئاء ببعض صفاته المندوبة كاسباغ الوضوء، وتطويل الصلاة، فأشد إشكالا.
ولو ضم إليها غير الرئاء كالتبريد ففيه أقوال ثالثها التفصيل بالصحة، مع كون القربة مقصودة بالذات والبطلان مع العكس، قال في الذكرى: لو ضم إلى النية منافيا فالأقرب البطلان، كالرئاء، والندب في الواجب لان تنافي المرادات يستلزم تنافي الإرادات، وظاهر المرتضى الصحة بمعنى عدم الإعادة، لا بمعنى حصول الثواب، ذكر ذلك في الصلاة المنوي بها الرئاء، وهو يستلزم الصحة فيها وفي غيرها مع ضم الرئاء إلى التقرب، ولو ضم اللازم كالتبرد قطع الشيخ وصاحب المعتبر بالصحة، لأنه فعل الواجب وزيادة غير منافية، ويمكن البطلان لعدم الاخلاص الذي هو شرط الصحة، وكذا التسخن والنظافة انتهى.
وأقول: لو ضم إلى القربة بعض المطالب المباحة الدنيوية فهل تبطل عبادته؟
ظاهر جماعة من الأصحاب البطلان، ويشكل بأن صلوات الحاجة والاستخارة وتلاوة القرآن والأذكار والدعوات المأثورة للمقاصد الدنيوية عبادات بلا ريب، مع أن