باطل بالاتفاق، وثانيها لو كان الحرام رزقا لجاز أن ينفق الغاصب منه لقوله تعالى: " وأنفقوا مما رزقناكم " (1) وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز للغاصب أن ينفق منه، بل يجب عليه رده، فدل على أن الحرام لا يكون رزقا، وثالثها قوله تعالى: " قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم " (2) فبين أن من حرم رزق الله فهو مفتر على الله، فثبت أن الحرام لا يكون رزقا.
وأما السنة فما رواه أبو الحسين في كتاب الغرر باسناده عن صفوان بن أمية قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ جاء عمرو بن مرة فقال: يا رسول الله إن الله كتب علي الشقوة فلا أراني ارزق إلا من دفي بكفي فأذن لي في الغناء من غير فاحشة، فقال عليه السلام: لا آذن لك ولا كرامة ولا نعمة كذبت أي عدو الله لقد رزقك الله طيبا فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه، مكان ما أحل الله لك من حلاله، أما إنك لو قلت بعد هذه النوبة شيئا ضربتك ضربا وجيعا.
وأما المعنى فهو أن الله تعالى منع المكلف من الانتفاع به، وأمر غيره بمنعه من الانتفاع به، ومن منع من أخذ الشئ والانتفاع به، لا يقال: إنه رزقه إياه، ألا ترى أنه لا يقال: إن السلطان رزق جنده مالا قد منعهم من أخذه.
الثاني: أن الرزق هل يجب على الله إيصاله من غير سعي وكسب أم لابد من الكسب والسعي فيه، ظاهر هذا الخبر وغيره الأول، وقد روى في النهج عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قيل له عليه السلام: لو سد على رجل باب بيت وترك فيه من أين كان يأتيه رزقه؟ فقال عليه السلام: من حيث يأتيه أجله، وظاهر كثير من الاخبار الثاني، وسيأتي تمام الكلام فيه، في كتاب المكاسب إنشاء الله تعالى.
قوله عليه السلام: " وقسطه " العطف للتفسير والتأكيد، وكذا الراحة أو الروح راحة القلب وسكونه عن الاضطراب، والراحة فراغ البدن، وعدم المبالغة