قلت: الظاهر أن الحصر بالإضافة إلى الذهب والفضة مع أن المضامين قريبة وإنما التفاوت بالاجمال والتفصيل، ونسبة التعجب إلى الله تعالى مجاز والغرض الاخبار عن ندرة الوقوع أو عدمه.
وقال بعض المحققين: إنما اختلفت ألفاظ الروايتين مع أنهما إخبار عن أمر واحد لأنهما إنها تخبران عن المعنى دون اللفظ، فلعل اللفظ كان غير عربي وأما ما يتراآى فيهما من الاختلاف في المعنى، فيمكن إرجاع إحداهما إلى الأخرى وذلك لان التوحيد والتسمية مشتركان في الثناء، ولعلهما كانا مجتمعين فاكتفى في كل من الروايتين بذكر أحدهما.
ومن أيقن بالقدر، علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فلم يحزن على ما فاته، ولم يخش إلا الله ومن أيقن بالحساب نظر إلى الدنيا بعين العبرة، ورأي تقلبها بأهلها، فلم يركن إليها، فلم يفرح بما آتاه فهذه خصال متلازمة اكتفى في إحدى الروايتين ببعضها وفي الأخرى بآخر.
وأما قوله " ينبغي " إلى آخره فلعله من كلام الرضا عليه السلام دون أن يكون من جملة ما في الكنز، وعلى تقدير أن يكون من جملة ذلك، فذكره في إحدى الروايتين لا ينافي السكوت عنه في الأخرى انتهى.
" لمن عقل عن الله " أي حصل له معرفة ذاته وصفاته المقدسة من علمه وحكمته ولطفه ورحمته، أو أعطاه الله عقلا كاملا، أو علم الأمور بعلم ينتهي إلى الله بأن أخذه عن أنبيائه وحججه عليهم السلام إما بلا واسطة أو بواسطة، أو بلغ عقله إلى درجة يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر أو تفكر فيما أجرى الله على لسان الأنبياء والأوصياء، وفيما أراه من آياته في الآفاق والأنفس، وتقلب أحوال الدنيا وأمثالها، والثاني أظهر لقول الكاظم عليه السلام لهشام: يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، وقال أيضا: إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها، ويجد حقيقتها في قلبه (1).