الأشد أقوى لا محالة، وشأن الحرارة جذب الرطوبات، وعلى هذا يمكن أن تنتقل العمارة من الشمال إلى الجنوب ثم من الجنوب إلى الشمال وهكذا بسبب انتقال الأوج من أحدهما إلى الآخر، وتكون العمارة دائما [إلى] حيث أوج الشمس لئلا يجتمع في الصيف قرب الشمس من سمت الرأس وقربها من الأرض فتبلغ الحرارة إلى حد النكاية والاحراق، ولا البعدان في الشتاء فيبلغ البرد إلى حد النكاية و التفجيع، وقيل: سببه كثرة الوهاد والأغوار في ناحية الشمال باتفاق من الأسباب الخارجة، فتنحدر المياه إليها بالطبع وتبقى المواضع المرتفعة مكشوفة، وقيل:
ليس له سبب معلوم غير العناية الإلهية ليصير مستقرا للانسان وغيره من الحيوانات ومادة لما يحتاج إليه من المعادن والنباتات.
ثم إنهم يقولون بأن كلا من تلك العناصر الأربعة قابل للكون والفساد أي ينقلب بعضها إلى بعض بلا توسط أو بتوسط واحد أو أكثر، كالماء ينقلب حجر المرمر، فإنه يحصل من مياه صافية جارية مشروبة تجتمع في وهاد تتحجر حجرا قريب الحجم من حجمها في زمان قليل كما ينقل من بعض محال مراغة من بلاد آذربايجان، وقيل: الحق أن ذلك إنما هو بخاصية في بعض المواضع من الأرض خلق الله فيها قوة معدنية شديدة التأثير في التحجير إذا صادفتها المياه تحجرت، وربما كانت في باطن الأرض فظهرت بالزلازل، ومن هذا القبيل ما نقل من انقلاب بعض الناس حجرا، وقد شوهدت في بعض البلاد أشباح حجرية على هيئة أشخاص إنسية من رجال ونساء وولدان لا يعوزها من التشكيل والتخطيط شئ، وأشخاص بهيمية وسائر أمور تتعلق بالإنسان على حالات مخصوصة وأوضاع يغلب على الظن أنها كانت قوالب إنسية وما يتعلق بها، فلا يبعد ظهور [مثل] هذه القوة على قوم غضب الله عليهم (انتهى).
وقالوا: الحجر ينحل بالحيل الإكسيرية ماء سيالا، والهواء ينقلب ماء كما يشاهد في قلل الجبال وغيرها أن الهواء بسبب البرد يغلظ ويصير سحابا متقاطرا وكما يشاهد من ركوب القطرات على الطاس المكبوب على الجمد، والماء ينقلب