" والليل وما وسق " أي وما جمع وما ضم مما كان منتشرا بالنهار، وقيل: وما ساق، لان ظلمة الليل تسوق كل شئ إلى مسكنه، وقيل: وما طرد من الكواكب فإنها تظهر بالليل وتخفى بالنهار " والقمر إذا اتسق " أي إذا استوى واجتمع و تكامل وتم " والفجر " أقسم بفجر النهار وهو انفجار الصبح كل يوم، وقيل:
أراد بالفجر النهار كله.
واعلم أن المذكور في كتب الحكماء والرياضيين هو أن الصبح والشفق الأحمر والأبيض إنما يظهر من وقوع ضوء الشمس على كرة البخار، قالوا:
المستضيئ بالشمس من كرة الأرض أكثر من نصفها دائما، لما بين في محله أن الكرة الصغرى إذا قبلت الضوء من الكبرى كان المستضيئ منها أعظم من نصفها، و ظل الأرض على هيئة مخروط يلازم رأسه مدار الشمس وينتهي في فلك الزهرة كما علم بالحساب، والنهار مدة كون المخروط تحت الأفق، والليل مدة كونه فوقه فإذا ازداد قرب الشمس من شرقي الأفق ازداد ميل المخروط إلى غربيه، ولا يزال كذلك حتى يرى الشعاع المحيط به، وأول ما يرى منه هو الأقرب إلى موضع الناظر، لأنه صدق رؤيته، وهو موقع خط يخرج من بصره عمودا على الخط المماس للشمس والأرض، فيرى الضوء مرتفعا عن الأفق مستطيلا، وما بينه وبين الأفق مظلما لقربه من قاعدة المخروط الموجب لبعد الضوء هناك عن الناظر، وهو الصبح الكاذب. ثم إذا قربت الشمس جدا يرى الضوء معترضا وهو الصبح الصادق ثم يرى محمرا والشفق بعكس الصبح يبدو محمرا، ثم مبيضا معترضا، ثم مرتفعا مستطيلا، فالصبح والشفق متشابهان شكلا، ومتقابلان وضعا، لان هيئة آخر غروب الشمس مثل أول طلوع الفجر، ويختلفان لونا بسبب اختلاف كيفية الهواء المخلوط، فإن لون البخار في جانب المشرق مائل إلى الصفا والبياض، لاكتسابه الرطوبة من برودة الليل، وفي جانب المغرب مائل إلى الصفرة لغلبة الجزء الدخاني المكتسب بحرارة النهار، والجسم الكثيف كلما كثر صفاؤه وبياضه ازداد قبوله للضوء، وكان الشعاع المنعكس منه أقوى من المنعكس من غيره، وقد عرف بالآلات