تتقد في الحطب وتشتعل، فإنها تأكل الحطب مجازا أي تكسره وتفنيه وتقلبه ولا تشرب ماء بل هو مضاد لها، ونار الشجرة هي الكامنة مادتها أو أصلها في الشجر الأخضر كما مر، فإنها تشرب الماء ظاهرا وتصير سببا لنمو شجرتها ولا تأكل ظاهرا، وإن كان للتراب أيضا مدخل في نموها، أو المعنى أن عند احتكاك الغصنين الرطبين يظهر الماء، فكان النار الظاهر منها يشربها. والقداحة والقداح الحجر الذي يوري النار ذكره الجوهري. وقال: الحباحب - بالضم - اسم رجل بخيل كان لا يوقد إلا نارا ضعيفة مخافة الضيفان، فضربوا بها المثال حتى قالوا نار الحباحب لما تقدحه الخيل بحوافرها، وربما قالوا نار أبي حباحب وهو ذباب يطير بالليل كأنه نار وربما جعلوا الحباحب اسما لتلك النار. وقال الفيروزآبادي: الحباحب (1) - بالضم - ذباب يطير بالليل له شعاع كالسراج ومنه نار الحباحب، أو هي ما اقتدح من شرر النار في الهواء من تصادم الحجارة، أو كان أبو حباحب من محارب وكان لا يوقد ناره إلا بالحطب الشخت لئلا ترى، أو هي من الحبحبة الضعف أو هي الشرر يسقط من الزناد (انتهى) والمراد بهذه النار ما كمن منها، أو من مادتها في الحجر والحديد فإنها لا تصل إليها ماء ولا غذاء، أو عند قدحها قبل اتقادها في قطن أو حطب لا تصادف ماء ولا شيئا آخر.
3 - الاحتجاج: عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الزنديق له: أخبرني عن السراج إذا انطفأ أين يذهب نوره؟ قال: يذهب ولا يعود، قال:
فما أنكرت أن يكون الانسان مثل ذلك إذا مات وفارق الروح البدن لم يرجع إليه أبدا (2)؟ قال: لم تصب القياس، إن النار في الأجسام كامنة والأجسام قائمة بأعيانها كالحجر والحديد، فإذا ضرب أحدهما الآخر (3) سطعت من بينهما نار تقتبس منها سراج له الضوء، فالنار ثابتة في أجسامها والضوء ذاهب (4) - الخبر -.