بهدم المساجد والمشاهد، وأنه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل بينة، وأشباه ذلك مما ورد في آثاركم، وهذا تكون نسخا للشريعة وإبطالا لاحكامها، فقد أثبتم معنى النبوة، وإن لم تتلفظوا باسمها، فما جوابكم عنها؟.
الجواب أنا لم نعرف ما تضمنه السؤال من أنه عليه السلام لا يقبل الجزية من أهل الكتاب، وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين، فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به، فأما هدم المساجد والمشاهد، فقد يجوز أن يختص بهدم ما بني من ذلك، على غير تقوى الله تعالى، وعلى خلاف ما أمر الله سبحانه به وهذا مشروع قد فعله النبي صلى الله عليه وآله.
وأما ما روي من أنه عليه السلام يحكم بحكم آل داود لا يسأل عن بينة، فهذا أيضا غير مقطوع به وإن صح فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه، وإذا علم الإمام أو الحاكم أمرا من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه، ولا يسأل عنه، وليس في هذا نسخ الشريعة.
على أن هذا الذي ذكروه: من ترك قبول الجزية، واستماع البينة إن صح لم يكن نسخا للشريعة، لان النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ، ولم يكن مصطحبا، فأما إذا اصطحب الدليلان، فلا يكون ذلك ناسخا لصاحبه وإن كان مخالفه في المعنى، ولهذا اتفقنا على أن الله سبحانه لو قال: " ألزموا السبت إلى وقت كذا ثم لا تلزموه " لا يكون نسخا لان الدليل الرافع مصاحب الدليل الموجب، وإذا صحت هذه الجملة وكان النبي صلى الله عليه وآله قد أعلمنا بأن القائم من ولده يجب اتباعه وقبول أحكامه، فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم [به] فينا، وإن خالف بعض الأحكام المتقدمة، غير عاملين بالنسخ لان النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل انتهى.
193 - أقول: روى الحسين بن مسعود في شرح السنة بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يكسر