عبد الله الأنصاري قال: حدثني أنس بن مالك وكان خادم رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
لما رجع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من قتال أهل النهروان نزل براثا وكان بها راهب في قلايته وكان اسمه الحباب، فلما سمع الراهب الصيحة والعسكر أشرف من قلايته إلى الأرض فنظر إلى عسكر أمير المؤمنين عليه السلام فاستفظع ذلك، ونزل مبادرا فقال: من هذا؟ ومن رئيس هذا العسكر؟ فقيل له: هذا أمير المؤمنين وقد رجع من قتال أهل النهروان.
فجاء الحباب مبادرا يتخطى الناس حتى وقف على أمير المؤمنين عليه السلام فقال:
السلام عليك يا أمير المؤمنين حقا حقا فقال له: وما علمك بأني أمير المؤمنين حقا حقا؟ قال له: بذلك أخبرنا علماؤنا وأحبارنا، فقال له: يا حباب! فقال له الراهب:
وما علمك باسمي؟ فقال: أعلمني بذلك حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له الحباب: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك علي بن أبي طالب وصيه.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: وأين تأوي؟ فقال: أكون في قلاية لي ههنا فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: بعد يومك هذا لا تسكن فيها، ولكن ابن ههنا مسجدا وسمه باسم بانيه، فبناه رجل اسمه براثا فسمى المسجد ببراثا باسم الباني له.
ثم قال: ومن أين تشرب يا حباب! فقال: يا أمير المؤمنين من دجلة ههنا قال: فلم لا تحفر ههنا عينا أو بئرا، فقال له: يا أمير المؤمنين كلما حفرنا بئرا وجدناها مالحة غير عذبة، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: احفر ههنا بئرا فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها، فقلعها أمير المؤمنين عليه السلام فانقلعت عن عين أحلى من الشهد وألذ من الزبد.
فقال له يا حباب: يكون شربك من هذه العين أما إنه يا حباب ستبنى إلى جنب مسجدك هذا مدينة وتكثر الجبابرة فيها وتعظم البلاء حتى أنه ليركب فيها كل ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام، فإذا عظم بلاؤهم شدوا على مسجدك بفطوة ثم - وابنه بنين ثم وابنه لا يهدمه إلا كافر ثم بيتا - فإذا فعلوا ذلك منعوا الحج ثلاث سنين واحترقت خضرهم وسلط الله عليهم رجلا من أهل السفح لا يدخل بلدا إلا