والعدول قبل وفاته بأيام وأخرجه إليهم وقال: إن الناس يقولون: إن أبا الحسن موسى في ضنك وضر، وها هو ذا لا علة به ولا مرض ولا ضر.
فالتفت عليه السلام فقال لهم: اشهدوا على أني مقتول بالسم، منذ ثلاثة أيام اشهدوا أني صحيح الظاهر لكني مسموم، وسأحمر في آخر هذا اليوم حمرة شديدة منكرة، وأصفر غدا صفرة شديدة، وأبيض بعد غد وأمضي إلى رحمة الله ورضوانه فمضى عليه السلام كما قال في آخر اليوم الثالث في سنة ثلاث وثمانين ومائة من الهجرة وكان سنه عليه السلام أربعا وخمسين سنة، أقام منها مع أبي عبد الله عليه السلام عشرين سنة، و منفردا بالإمامة أربعا وثلاثين سنة (1).
57 - عمدة الطالب: كان موسى الكاظم عليه السلام أسود اللون، عظيم الفضل رابط الجأش، واسع العطاء، وكان يضرب المثل بصرار موسى، وكان أهله يقولون عجبا لمن جاءته صرة موسى فشكا القلة، قبض عليه موسى الهادي وحبسه فرأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في نومه يقول يا موسى " هل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " (2) فانتبه من نومه، وقد عرف أنه المراد، فأمر باطلاقه، ثم تنكر له من بعد، فهلك قبل أن يوصل إلى الكاظم عليه السلام أذى.
ولما ولي هارون الرشيد الخلافة أكرمه وعظمه ثم قبض عليه وحبسه عند الفضل بن يحيى، ثم أخرجه من عنده فسلمه إلى السندي بن شاهك، ومضى الرشيد إلى الشام فأمر يحيى بن خالد السندي بقتله، فقيل: إنه سم، وقيل: بل لف في بساط وغمز حتى مات، ثم اخرج للناس وعمل محضرا بأنه مات حتف أنفه و تركه ثلاثة أيام على الطريق يأتي من يأتي فينظر إليه ثم يكتب في المحضر (3).