سعة، فلما انقضى سلطان الجبابرة، وجاء سلطان ذي السلطان العظيم، بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها، العتاة على خالقهم، رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن يدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم فاتق الله جل ذكره وخص بذلك الامر أهله، واحذر أن تكون سبب بلية الأوصياء، أو حارشا (1) عليهم بافشاء ما استودعتك واظهار ما استكتمتك، ولن تفعل إن شاء الله.
إن أول ما أنهي إليك أني أنعى إليك نفسي في ليالي هذه، غير جازع ولا نادم، ولا شاك فيما هو كائن، مما قد قضى الله عز وجل وحتم، فاستمسك بعروة الدين آل محمد، والعروة الوثقى الوصي بعد الوصي والمسالمة لهم والرضا بما قالوا ولا تلتمس دين من ليس من شيعتك، ولا تحبن دينهم فإنهم الخائنون الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم، وتدري ما خانوا أماناتهم؟ ائتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدلوه، ودلوا على ولاة الأمر منهم فانصرفوا عنهم، فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.
وسألت عن رجلين اغتصبا رجلا مالا كان ينفقه على الفقراء والمساكين و أبناء السبيل وفي سبيل الله، فلما اغتصباه ذلك لم يرضيا حيث غصباه حتى حملاه إياه كرها فوق رقبته إلى منزلهما، فلما أحرزاه توليا إنفاقه أيبلغان بذلك كفرا؟
فلعمري لقد نافقا قبل ذلك وردا على الله عز وجل كلامه وهزءا برسوله صلى الله عليه وآله وهما الكافران عليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، والله ما دخل قلب أحد منهما شئ من الايمان منذ خروجهما من حالتيهما، وما ازدادا إلا شكا كانا خداعين مرتابين منافقين حتى توفتهما ملائكة العذاب إلى محل الخزي في دار المقام وسألت عمن حضر ذلك الرجل وهو يغصب ماله ويوضع على رقبته منهم عارف و منكر، فأولئك أهل الردة الأولى ومن هذه الأمة فعليهم لعنة الله والملائكة و الناس أجمعين.